كتبت: رشا المرضي.
يندر أن يسهو متحدثٌ عند الحديث عن كردفان و غرب السودان عن ذكر مدينة الرهد و إسهامها التاريخي في الحياة السودانية في كافة مناحيها الثقافية و الاقتصادية و النضالية.
بروز الرهد على مستوى كردفان و السودان تسنده مساهماتها على الصعيد العام.
تتعدد الأحاديث حول سبب اسم المدينة (الرهد)، الكلمة التي تصغَّر حين إرادة التصغير فتكون(الرهيد)، و تجمع على (رهود)، و هي مفردات كثيرة الاستخدام في السودان و تعرف به مدن و قرى كمدينة رهيد البردي بولاية جنوب دارفور، و نهر الرهد في ولاية القضارف.
تعني الكلمة في السودان المكان الذي تتجمع فيه المياه و (يردي) بمعنى -الورود- إليه الناس، و هو في ذلك كما (الميعة) و (الحفير الصغير).
تقول مصادر لها من الموثوقية قدر إن اسم (الرهد) أطلق على بحيرة سبقت نشأة المدينة التي نالت الاسم باعتبارها نشأت على ضفاف البحيرة التي عرفت باسم (التردة) الذي يعني ورود الماء.
يقترن اسم المدينة بكنية (أبو دكنة) التي ربما أشارت إلى الخضرة الداكنة لغابة متشابكة كانت حول البحيرة.
و كثيرا ما يقال “الرهد أب دكنة المسكين ماسكنا” و يمكن تفسير المسكوكة بأن المدينة ثرية و لا يجد الفقر طريقه لأحد من سكانها، كما يقال ” الرهد أب دكنة المسكين سكنا”، في إشارة على قدرة الإنسان مهما زاد فقره و قلت حيلته و فرغت يده من مال أن يعيش في المدينة ليسر العيش فيها.
تذكر المدينة في تاريخ السودان باعتبارها مهد ثورة طامحة ضد الحكم التركي المصري فجَّرها الشيخ المنَّا إسماعيل أحد زعماء قبيلة الجوامعة.
يذكر التاريخ أن القوة الثائرة أحدثت فرقا واضحا في مسيرة انتصار الثورة المهدية عندما تمكنت من هزيمة حامية بارا و قطع أي سبيل للإمدادات التي كانت ستساعد الأبيض على الصمود و المقاومة، مما ساعد على تحرير مدينة الأبيض عاصمة الإقليم سنة 1883.
و تضم المدينة ضريح الشريف يوسف الهندي الذي سقط في معركة شيكان المشهورة في التاريخ السوداني و التاريخ الإنجليزي و المصري.
الرهد قِبلة جذب سياحية تستحق التنمية
تمنح بحيرة التردة على الناحية الغربية للمدينة بعدا جماليا ساحرا، و هي مصدر المياه في المدينة، بعد أن تصب فيها خيران أم تقرقر، و أبو حبل.
و يضيف جبل الداير الذي يبعد نحو 32 كيلومترا جنوب المدينة عنصر جذب سياحي فريد لكونه محمية طبيعية مساحتها 314,450 كيلومتر مربع.

المدينة حاضرة لعدد من القرى منها (أولاد أب كر) و (التكيلات) و (الأندرابة الإزيرقاب) و (طيبة) و (أم سكينة) و (النويلة) و (قوز بشارة) و (ديدان عباس) و (السواني) و (عرديبة) و (حقينة).
اب دكنة تنشط فيها صناعة الزيوت و تجارتها، و فيها عدد معتبر من معاصر الزيوت، و مصانع الطحنية و الصابون.

شأنها شأن غالب مدن و بوداي السودان ظلت اب دكنة تنتظر أن تستثمر إمكاناتها و تاريخها و الموارد البشرية استثمارا حقيقيا يعبر عن نية صادقة في نفع المنطقة و البلاد على وجه العموم، فالسودان كنز يهدر بنوه أرواحهم و موارده في صراع لم ينقض.