مصطفى سيد أحمد .. سودانيون في سطور

مصطفى سيد أحمد .. سودانيون في سطور
انسكب الكثير من الحبر، و انسربت الأصوات مرارا في حق أعلام سودانيين قدموا رسالتهم و مضوا.
هذه السطور لا تحمل إحاطة بما قدم هؤلاء، و حصرا لآثارهم، بقدر ما هي تذكرة للأجيال بأننا أمة قادرة على إكمال تكوينها و حشد مكنوناتها لينمو عظم الوحدة.
بمآخذها النقدية، و إشراقاتها الباهرة كانت قدم الشخصية السودانية تمضي إلى حيث ينبغي لها أن تكون لولا عاديات الزمان، و لأن مسيرة كل أمة مرتبطة بالنكسات المعلِّمة فإننا نلتفت إلى ما لنا و ما نملك لنصوغ منه مدا جديدا للمضي قدما.


كان الفنان مصطفى سيد أحمد أحد أولئك الذين حملوا مشعل الثقافة و أضافوا إلى وهجه ما امتدت بهم الأيام ثم سلموه لآخرين.
و مثلهم في مجالات الحياة السودانية كافة من عبرو ساحة العطاء تاركين إرثهم المضاف إلى وعاء أمتنا.
انحاز مصطفى إلى التعليم برسالة الفن بعد أن أمضى أعواما طويلة يؤدي رسالة التعليم النظامي، و في ساحة الفن السوداني أمثلة أخرى لمن امتهنوا التعليم قبل أن يتفرغوا للفن.
ما بين التعليم و الفن الكثير من سمو الرسالة و القدرة على الارتقاء بالمشاعر و العواطف و السلوك، و ذاك دوره الأساس.


وجدان الأمة تغذيه الفنون التي تلتف حولها الأفئدة و التي تنقل الناس من الرفيع إلى الأرفع من المعاني الإنسانية القيمة و الثمينة، و لو أننا مكنا الثقافة من القيام بدورها في السمو بالأرواح و تشذيب النفوس و توحيد الناس لتجنبنا الكثير مما حدث في المجتمع.
كان الفن السوداني راقيا رفيعا جمع الناس و ناقش قضاياهم الاجتماعية و الأخلاقية و حتى السياسية، و إن كان الجدال قائما حول أغنية الوسط و مدى اتسامها بالقومية إلا أنها كانت في طريقها حثيثا إلى المزيد من احتواء الأذواق و مساهمات الأقاليم في ذلك واضحة.
لا ينبغي أن يكون سخط جيل حديث على واقعه الذي يعيش سببا في إعراضه عن ذخيرة مسيرة طويلة عامرة بالبناء و العطاء، فالمراجعة التي تشمل كل شي ينبغي أن تحتفي بكل ما هو عظيم.
ما بعد الحرب في السودان لا نحتاج أن نبدأ من جديد حتى لا نبدأ من فقر و تأخر، علينا النظر إلى ما نملك من ثقافة و فنون و علم حتى يكون الأساس الذي نبني به بلادنا العزيزة.

