أسبالتا

صفحة من نضال أفريقيا .. مملكة الزولو

مع اقتراب القرن التاسع عشر من نهايته اعتلى “سيتشوايو” كامباندي عرش مملكة الزولو.
كان “كامباندي” سياسيا و دبلوماسيا على مستوى عال، فقد بذل جهدا مقدرا لإقامة علاقات مستقرة مع الجوار.
كانت مملكة الزولو حينها تملك جيشا قويا لا يستهان بقوته.
بدأ الواقع يتغير في أفريقيا الجنوبية منذ أن فرض الإنجليز السيطرة على منطقة الترانسفال في عام 1877، و كان وجود مملكة الزولو كمملكة مستقلة لها حدود مع المستعمرات البريطانية أمرا مقلقا للبريطانيين.


السير “هنري بارتل فير” كان كان يتحين الفرص لتدمير الزولو، حيث أثار عددا من الشكاوى المدعاة من ممارسات الزولو، و لم يلبث إلا قليلا حين أرسل إنذارا لملك الزولو “كامباندي”، يحتوي شروطا تعني الاستسلام للتاج البريطاني.


قبل انتهاء مدة الإنذار كانت القوات البريطانية قد تقدمت نحو حدود مملكة الزولو عازمة دخول عاصمتها أولندي.
في مطلع يناير من عام 1879 تجاوزت القوات البريطانية حدود مملكة الزولو، إلا أنها جوبهت بمقاومة شرسة و منظمة أفقدت الهجوم زخمه، و انكسر الهجوم على محاور إيشوي وإيساندوانا و كامبولا و انسحب البريطانيون إلى ناتال لتجميع القوات و حشدها.


أصاب انكسار زحف القوات البريطانية أمام الزولو نتائج صعبة الهضم لدى الرأي العام البريطاني، كما أن آثار ذلك الحدث انسحبت على المستعمرين المتواجدين في الأراضي المجاورة للزولو كالناتال و الترانسفال حيث أصيب هؤلاء بالهلع.

شرع الغربيون في بناء الاستحكامات الدفاعية، كما أن الحكومة البريطانية لم ترض عن هذا الغزو، و لم تبتلع حجم ما نتج عنه من خسائر كانت فادحة و ثقيلة.


بالرغم من النتائج الكبيرة لهزيمة القوات البريطانية إلا أن قائد هذه القوات كان يرى أن تلك الهزيمة تخصه شخصيا و تدنس شرفه العسكري، فعاود الهجوم على مملكة الزولو في عام 1879.

كان الهجوم الذي شنه اللورد شلمس فورد قائد القوات البريطانية هجوما كبيرا، استغل عند إطلاقه انشغال ملك الزولو سيتشوايو كامباندي بعقد اتفاقية مع بريطانيا لاستدامة السلام.

مملكة الزولو
مملكة الزولو كافحت بقوة من أجل البقاء مستقلة

مملكة الزولو تحت الاحتلال البريطاني


نجح الهجوم البريطاني حيث هزم الزولو في يونيو من عام 1879 في معركة أولندي و فر الملك “كامباندي” قبل أن يتم أسره في وقت لاحق من قبل قوات الإمبراطورية البريطانية.


تم نفي الملك “كامباندي” إلى الخارج، كما صادر المستعمرون مواشي و ممتلكات العائلة المالكة، و كان من نتاج معركة أولندي كذلك تقسيم مملكة الزولو إلى 13 مشيخة.
عاود “سيتشوايو كامباندي” الهجوم بعد 4 سنوات من فقده الملك على الزولو، حيث استولى في عام 1883 على مناطق محدودة قبل أن يتوفى في العام التالي.


اكتمل استيلاء البريطانيين على أراضي الزولو بعد الحرب الأهلية فيها، و التي كانت حربا مدمرة قضت على خيرة الرجال، كما أضعفت المجتمع القبلي اقتصاديا و ماديا، و هو حال كان لابد أن يهدم الطبيعة القتالية و المجتمع المحارب، ويضعضع كل نية لمقاومة القوات البريطانية الغازية.
وضعت الإمبراطورية البريطانية مملكة الزولو تحت الحماية في عام 1887، قبل أن تضمها بعد 10 سنوات من ذلك التاريخ إلى إقليم الناتال.
لقد كانت مملكة الزولو في جنوب أفريقيا مثالا صادقا للممالك الأفريقية الناهضة، و التي تصدت لأطماع الغزاة بقوة و جسارة ثم خبأت بعد التماع و سطوع.

مملكة الزولو
لوحة متخيلة لمعركة أولندي

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.