خلال أيام وصل إلى معسكر زمزم المنكوب في الأصل بالمجاعة و الهجمات آلاف من أهالي قرى محلية دار السلام التي دخلتها قوات الدعم السريع.

بالرغم من وقوع المذابح في المخيم، و تعرضه لشتى أنواع الهجمات البرية منها و القصف المدفعي المتكرر، و توقف تقديم الغذاء و الدواء، إلا أنه مازال ملاذا للنازحين من قراهم بفعل الهجمات.
ضمت دارفور عددا من المعسكرات التي تحولت إلى مدن كبيرة ملحقة بالمدن الكبرى، كمعسكري “كلمة” و “دريج” بالقرب من مدينة نيالا كبرى المدن في جنوب دارفور، إلا أن معسكر زمزم ظل متصدرا الأخبار بسبب معاناة من لاذوا به، و ما يعيشونه من جحيم يصور فظاعة الحرب في السودان.
ربما كان موقع المعسكر الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوب الفاشر هو سبب تعرضه لهذا الكم من الهجمات، فنطاق عاصمة الإقليم منطقة عمليات عسكرية نشطة بسبب حصار الدعم السريع للمدينة و قتال الجيش و القوات التي تقاتل بجانبه من أجل إبعادهم.
معسكر زمزم المنكوب، كيف بدأت القصة؟
بدأت القصة في عام 2004، حينها شرد القتال بين الجيش الحكومي و القوات المتحالفة معه من جانب و حركات مسلحة تقف الآن جانب الحكومة عشرات الآلاف من قراهم الأصلية.
لقد ارتكبت فظائع دفعت هؤلاء للاتجاه صوب مناطق آمنة بالقرب من مدن الإقليم الكبرى، و أصبح معسكر زمزم يضم مع اتصال الحرب و فترات السلام القليلة حوالى 500,000 نازح يزيدون أو يقلون بفعل النزوح من و إلى المعسكر.
تقول التقارير الأممية بنزوح اثنين و نصف المليون شخص جراء الحرب المتواصلة في السودان، و المتواجدون في معسكر زمزم و غيره كعطاش و أبوشوك هم أكثر الفئات ضعفا ممن سلبت الحرب أرضهم و حرمتهم ممارسة الزراعة و أجبرتهم على التواجد في هذه المخيمات.
مع وجود التقارير الدولية لا يمكن لأحد الجزم بالعدد الفعلي للمتواجدين داخل المعسكر، فحركة النزوح إلى داخل المدينة و إلى طويلة ومن القرى نحو المعسكر لا تتوقف بسبب حركة الحرب و الاعتداءات على المدنيين.
الاكتظاظ على أشده في هذه البقعة التي ضاقت على رحابتها، و هو مايزيد المخاوف على مصير النازحين فيها بعد أن توقفت الخدمات التي كان يقدمها برنامج الأغذية العالمي و منظمة أطباء بلا حدود نتيجة هجومين في فبراير شنهما “الدعم السريع”.

الحديث عن الحرب في السودان لا يمكن أن تكتمل صورته إلا بالأخذ في الاعتبار أهوال ما يلاقيه النازحون في هذا المخيم، فالقتل يلاحقهم منذ نحو عقدين و يعمل فيهم آلته.
هذه البقعة التي يفترض بها أن تكون آمنة بفضل التشريعات السماوية و الدولية هي الآن من أكثر بقاع الأرض خطورة، فالعالم يكتفي الآن بالإدانات الخجولة بينما يضيق بالمدنيين ملاذهم الأخير.