تقارير و مقالات

في المسكوت عنه .. جرائم العنف الجنسي في حرب السودان

نزار عبدالله بشير

جرائم العنف الجنسي في حرب السودان شكلت صدمة بالغة لواحد من أكثر المجتمعات المحافظة.

” بحلول 31 مايو 2025 وثقت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 368 حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع في السودان…”
قرأت ذلك الاقتباس ضمن تقرير أصدرته الأمم المتحدة خواتيم الشهر الماضي فأرتجف قلبي جراء القسوة التي تضمنتها تلك الأحرف الجافة.

هذه الأرقام عبارة عن بشر، لناس يعيشون ويتنفسون؛ يملكون عائلة وأصدقاء وأحباب، أحالتهم الحرب لضحايا، فنسي الناس أسمائهم وصاروا (ضحايا) هكذا بهذه البساطة!.

ما يخيف فعلاً أن الجهات المسؤولة تقول إن الأرقام الحقيقية لضحايا العنف الجنسي في حرب السودان هو أضعاف الأرقام المسجلة؛ بيد أن ارتباط الوصمة وطبيعة المجتمع السوداني جعلت ظهور هذه الحالات ما هي إلا نموذج لعدد غير معلوم من الضحايا.
عُد الآن وأكمل قراءة تقرير الأمم المتحدة؛ إقرأ بقلبك وركز جيداً، وكُن إنساناً قبل كل شئ ستطالع:
” 521 ضحية، أكثر من نصف الحالات شملت حالات إغتصاب، بما في ذلك اغتصاب جماعي، …فيما نُسب أكثر من 70% منها إلى قوات الدعم السريع.. “
وأنت تقرأ مثل تلك التقارير الأممية أو الرسمية تشاهد الأرقام والنِسب المئوية (للضحايا) ولكن هل سألت نفسك مَن يكونوا هؤلاء.. ؟.


إنهم بشر، مثلهم مثلك؛ لهم أحلامهم وتطلعاتهم وأمنياتهم بالحياة الرغيدة والعيش الوفير، وآمالهم التي رصفوا لها الأيام بالتمني لتكون واقعاً؛ ولكن القدر حولهم مِن كائنات توّاقة للغد إلى (ضحايا) تتخطفهم الهواجس، وتملأ لياليهم الكوابيس المخيفة، التي تُعاد فيها لحظات العذاب والتعدي عشرات المَرات؛ أحداثٌ أحالت أيامهم لرعب.


الأمم المتحدة إختارت يوم وخصصته لمكافحة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وأشارت إلى أنها تحاول من خلال هذه المناسبة أن توضح “فهم الآثار المروعة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع على الناجين والناجيات وعلى المجتمعات.. “.

ما لا يعرفه المجتمع أن (الناجين والناجيات) مِن مثل تلك الحوادث يحتاجون لوقفة من المجتمع ودعم حقيقي؛ لأن آثار تلك الحوادث تلاحق أصحابها كثيراً إن لم يتم تقديم الدعم والعون لهم.

قرأتُ قبل فترة تقرير بعثة تقصي الحقائق في السودان والتي قالت بأن ” العنف الجنسي قد زاد بنسبة 288% في الفترة من ديسمبر 2023 وحتى ديسمبر 2024 ” إن صحت تلك المعلومات أو لم تصح فإننا جميعاً مطالبون بتقديم الدعم لبعضنا البعض.

نحن مطالبون بأن نتشارك في مثل هذه الأيام العصيبة، أن يقدم كلٌ مِنا ما يستطيع وفي مجال تخصصه حتى نعبر هذه الأزمة سويا، وما الإنسان سوى أحبةٌ يشاركونه لحظات حزنه قبل فرحه، ولحظات سقوطه قبل تحليقه، في السودان يمر الجميع بظروفٍ إستثنائية ولكن الضحايا والناجين أولى بدعمنا جميعاً إن أردنا لأمتنا أن تنهض مجدداً.

أسبالتا

شبكة أسبالتا الإخبارية (Aspalta News)، منصتكم الأولى لمتابعة آخر أخبار السودان اليوم على مدار الساعة. نقدم تغطية شاملة وموثوقة للأحداث السياسية، الاقتصادية، الرياضية، والثقافية، بالإضافة إلى تقارير حصرية وتحليلات معمّقة تساعدكم على فهم المشهد السوداني والعالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى