صدمة بغداد وخيبة الأمل للسودان

🖋️ حيدر بركة.
جرح آخر يضاف إلى النزيف.
تركت القمة العربية الرابعة و الثلاثون التي انعقدت في بغداد تحت عنوان (حوار – تضامن – تنمية)، تركت مرارة مضاعفة لدى السودانيين المثقلين بجراح الحرب و الخذلان.
تأكد لمن يتابع بما لا يدع مجال للشك أن العالم أجمع أصبح ينظر مصلحته أولا ً لا يهمه القتل و التشريد و آثار الحرب.
بينما كانت الأنظار تتجه نحو القادة العرب، آملة في التفاتة حقيقية لأزمتنا المتفاقمة، جاء البيان الختامي ليصدمنا جميعاً بهذه الجملة: (إيجاد حل سياسي لإيقاف الصراع في السودان) ! مختزلاً وجع أمة كاملة في سطر باهت لا يرقى لمستوى الكارثة الإنسانية التي عصفت بهذا الوطن.
لقد كان من المؤلم و المستغرب و على استحياء أن يذكر ملف السودان عرضاً، سطر ذكر فيه الاكتفاء بالتأكيد على “ضرورة إيجاد حل سياسي لإيقاف الصراع”.
كم أوجعني هذا النص الذي يبدو كمسكن ضعيف لآلام مريض يحتضر، دون تقديم أي وصفة علاج أو حتى محاولة جادة لوقف النزيف.
إن تجاهل القمة لحجم المأساة الإنسانية في السودان، و التي تشمل ملايين النازحين و اللاجئين، و نقص المساعدات الإنسانية و الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان، يثير علامات استفهام كبيرة حول مدى جدية التضامن العربي الذي رفعت القمة شعاره.
كيف يمكن الحديث عن التضامن و تنمية المنطقة، بينما يُترك بلد بأكمله اسمهُ السودان يئن تحت وطأة حرب تهدد وجوده ومستقبله؟.
لقد كان السودانيون يتطلعون إلى ما هو أكثر من مجرد عبارات دبلوماسية عامة.
كانوا يأملون في مبادرات واضحة، و ضغط حقيقي لوقف القتال و الحفاظ على ما تبقى من الوطن، و توفير دعم إنساني عاجل ومنسق.
كانوا ينتظرون موقفاً عربياً موحداً و قوياً بعيداً عن المبادرات الفردية للدول.
السودان يبحث عن حل سياسي مستدام يحفظ وحدة البلاد وسلامة مواطنيها.
لكن بدلًا من ذلك، وجدوا أنفسهم في سطر وحيد من الوجع، و كأن معاناتهم ليست بذات القدر من الأهمية.
إن هذا التجاهل يرسل رسالة مؤلمة للشعب السوداني، مفادها أن قضيتهُ ليست في صلب اهتمامات إخوته.
هذا الشعور بالخذلان قد يزيد من تعميق الجراح، كنا نتوقع أن تكون هذه القمة سنداً و عوناً في هذا الوقت من الشدة.
أما تغييب القضية السودانية بهذا الشكل لا يمكن تبريره.
إن حجم التحديات التي تواجه السودان تستدعي تحركاً عاجلاً و مؤثرا، لا مجرد إشارة عابرة في البيان الختامي.
إن استقرار السودان هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة بأسرها، و أن ترك هذا البلد يواجه مصيره وحيداً لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور وعدم الاستقرار الإقليمي.
النزيف المستمر في السودان لا يشعر به إلا السودانيين فقط!!.
لذلك نقول بصوت عالي (فتش الملامِح البتشبهك يا مجلس السيادة) و يا ناس القمة إلفيكم اتعرفت.
أخيراً يجب أن نكون صوتاً لمن لا صوت لهم.