أسبالتا

الفنان عبد العزيز المبارك .. سودانيون في سطور

لأجيال لم يحضروا زمان ازدهار الفن و حرموا كذلك من الاستماع إليه نقدم بعضا من سيرة أحد الذين قالوا كلمتهم في الأغنية السودانية و مضوا، و ليس ما نكتب معنيٌّ به أناس تمتعوا بفيض ما قدم المبدع الفنان عبد العزيز المبارك و مازالت أغنياته على شفاههم و تحفظها ذاكرتهم بصوته الجميل.

كنا من ذوي الحظ عندما استمعنا لعبد العزيز المبارك عندما كان صوته ينطلق من الإذاعة، و كان هناك من هم أوفر حظا منا ممن حضروا حفلاته و شاهدوه أو كانوا جيرانه في ود مدني درة الجزيرة، قبل أن نلتقيه في مرحلة أخيرة من عمره قبل رحيله في 2020.

لم يكن الفنان إلا فنانا في ذلك الوقت، وقد تمت إجازته من لجان الأصوات و كلماته خرجت نصوصها من بين أعين لجان النصوص، و في خضم هذه التحديات ما كانت تطلق صفة الفنان إلا على من هو كذلك، مثل عبد العزيز المبارك ذلك النجم الذي ما خبا بريق أعماله رغم تقادم السنوات.

الفنان عبد العزيز المبارك .. سودانيون في سطور
الفنان عبد العزيز المبارك مازالت أعماله تحافظ على بريقها

تحرمني منك للمبدع الفنان عبد العزيز المبارك لم تكن مجرد أغنية

أثر عبد العزيز المبارك على جيله أيما تأثير، و هو تأثير يشابه ما تركه إبراهيم عوض على جيله في المظهر، و فعله نجم الدين الفاضل و غيرهما من ذوي الشعبية و الجمهور العريض.

كانت أغنية “تحرمني منك” و عبد العزيز يؤديها بالقميص الكاروهات و الشعر الخنفس – منسوب إلى فرقة الخنافس و الله أعلم- ملهمة للكثيرين بالمشاعر الدفاقة، مع اندلاقها في لحن خفيف مشبع بالبيز و الجيتار شأنها في ذلك شأن أغنية السبعينات و الثمانينات ذات اللحن الفخم و القوام الرشيق.

أغنيات الفنان عبد العزيز المبارك ظلت برونقها ومعاصرتها

اللافت أن أغنيات عبد العزيز المبارك ظلت على رونقها و معاصرتها لعدة عوامل من ضمنها عمق كلماتها و بساطة تلك الكلمات، مع خروجها من نفوس شعراء عكسوا مشاعر الإنسان السوداني البسيط في وقت سبق ما تلاه من تخريب شمل نواحي الحياة السودانية.

ما زالت أغنية ” إلى مذهلة ” المشهورة باسم “بتقولي لا” و التي كتبها المُقل البارع عثمان خالد من أوفر الأغنيات حظا في الذيوع و التذوق لاكتمال أركانها بشكل متساو في الإبداع، فبمثل ما سكب فيها الشاعر عثمان خالد عصارة نفسه، تجلى فيها إبداع الموسيقار الفاتح كسلاوي، و بالطبع كساها عبد العزيز المبارك شخصية جذابة و متفردة.

أغنيات الفنان عبد العزيز المبارك تنافس ذاتها

حظي عبد العزيز المبارك بمعاصرة وسط فني ناقد و متعاون، وفيه عدد من الكبار، و هو ما جعل أغنياته تنافس بعضها البعض في الجمال، مثل “أغنية طريق الشوق” التي أهداها له الفنان الكبير الطيب عبد الله و هي من كلماته و ألحانه.

و تعاونت مع عبد العزيز قامات فنية لها وزنها مثل الملحن الفنان المهذب السني الضوي، و الشاعر الدكتور علي شبيكة، اللذان قدما مع عبد العزيز واحدة من أروع ما تغنى به أغنية ” ليه يا قلبي ليه”.

و جمع عبد العزيز ما بين شجن الأغنية السودانية المعهود و العديد من الألحان الراقصة ليقدم باقة عبرت عن جيل كامل و أجيال لاحقة من ضمنها “يا عزنا”، “أحلى عيون”، “يا عسل”، ما كنت عارف”، أرخي الرمش”، “آخر العشرة”، “أفراح الحلوة”، آه من جور زماني”، “أحلى جارة”، و عقد فريد لم يذكر من الأغنيات.

الفنان عبد العزيز المبارك .. سودانيون في سطور
الفنان عبد العزيز المبارك رحل في 2020

الفنان عبد العزيز المبارك سيرة ذاخرة و أثر مجيد

ولد عبد العزيز المبارك المبارك حامد الحبر في 1951 بود مدني في وسط السودان، و فيها نشأ و تلقى تعليمه قبل الالتحاق بمعهد الموسيقى و المسرح و دراسة الصوت و البيانو.

عمل بوزارة الثقافة و الإعلام بالجزيرة قبل أن يهاجر للعمل بمدينة جدة السعودية لمدة 10 سنوات، و التي سجل بها عددا كبيرا من أغنياته، كما سجل أسطوانات ضمَّنها 60 من أغنياته.

زار عبد العزيز العديد من الدول حاملا لواء الأغنية السودانية من ضمنها رومانيا في 1976 و إنجلترا و إيطاليا و فرنسا و ألمانيا و هولندا، و فاز في العديد من المسابقات الدولية.

إن الكثير من سيرة هذا المبدع يضيق بها المجال، و لكن تتسع لأغنياته المساحات في النفوس بقدر رحابتها و جمال لحنها و عذوبة صوته له الرحمة و المغفرة.

لقد مثَّل عبد العزيز المبارك بأغنياته و وثق للحياة السودانية في وقت ليس كالماثل، و لواقع ليس كالذي نعيشه، مما يمنح المتأمل فرصة لرؤية السودان في وقت سابق، و بم كان يشعر أهله، و كيف تولد أغنياتهم.

مأمولة إعادة النظر في ذاتنا لاستشفاف مكامن الإبداع فيها، كما هي دعوة للاستماع و التأمل و النظر من خلف السنين.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.