بقلم: رشا المرضي.
حين يجبرك اللجوء إلى اختيار نفسك!!
في العشرين من يونيو من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للاجئين، و هو يوم أقرته الأمم المتحدة عام 2001 بمناسبة الذكرى الخمسين لاتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
لم يكن الهدف مجرد التذكير بالأعداد بل تسليط الضوء على قصص الناس و على كرامتهم و أحلامهم المؤجلة و على حقيقة أن اللجوء ليس خيار بل اضطرار فرضته الحروب و الاضطهاد.
هناك أشياء لا يمكن أن تدرك جميعها، بل تفهم فقط حين تعاش، و لأن تجربة اللجوء لا تعني مجرد الانتقال من وطن إلى آخر، بل من عالم داخلي إلى آخر.
تجد من مر بتجربة اللجوء قد تعلم حين أصبح لاجئا أن أي عمل يمارسه أو يقع عليه فسيكون عليه أن يتذكر ما يكون عليه كلاجئ.
اللجوء سيُرغمك على بناء عالم داخلي غني و محمي لأن العالم الخارجي غالبا ما يكون قاسيا و موحشا و يصبح الخيال و الذكريات و الأحلام ملاذا حقيقيا.
مع الوقت ستفقد الإحساس بالزمن و اليوم يصبح طويل بشكل غريب و الأيام متداخلة لا يمكن تمييزها، و الغربة لا تعتمد تقويما و لا تعترف بنهاية الأسبوع.
البدايات الجديدة لا تكون دائمًا مشوقة بل أحيانا تكون مربكة و محمّلة بالثقل و بفقدان الهوية و الوجه، و مع ذلك، يكفي أن تبدأ باختيار نفسك فهذا وحده كافٍ للبقاء.
حين يراودك الحنين لا تحتاج إلى مناسبة و سيأتي أحيانًا من لا شيء و من كوب عصير يحمل طعم البيت كله.
الألم لا يُعلن عن نفسه دائمًا فبعض الأوجاع تأتي على هيئة سؤال بسيط نعجز عن إجابته.
ستفهم معنى الكرامة حين تجبر على شرح موقفك مرارا أو تقف في طوابير لا تنتهي، حينها تدرك أن الإنسان لا يحتاج فقط إلى المساعدة بل إلى الاحترام أولًا.
يتغير تعريف الفرصة فتصبح الدراسة و العمل و القدرة على الحلم امتيازات لا تُقدّر بثمن.
و ستفهم أن الأمل ليس رفاهية بل غريزة بقاء و تتعلّق به ولو بخيط رفيع، لأنه الشيء الوحيد الذي يدفعك للاستمرار.
الغربة تعيد صياغة الهوية فتسأل نفسك بصدق من أنا؟، بعيدا عن اللهجة، و المكان، و المجتمع و حين تجد إجابة تمسك بك فستعرف أنك ما زلت متماسكا.
الخيمه اليوم قد تكون شقة ضيقة، أو إقامة مؤقتة في مدينة مزدحمة لكنها في المحصلة: و محاولة لبناء حياة مستقرة.
حتى إشعار بسيط على فيسبوك يعود بك إلى ما قبل الحرب كصورة قديمة كفيله بأن تغرقك في حزن لا متناهي
ستتعلم كيف أمشي أكثر مما تعرف كيف تستقر و سيكون المكان مؤقتا دوما و ستبني علاقة مختلفة مع الجدران علاقة لا تعتمد على الدوام بل على التحمل.