أسبالتا

أنظمة الإنذار المبكر هل ستغطي فقراء العالم؟

كتب: محمد عباس الباشا.

مع تنامي المخاطر المحدقة بسكان الكوكب جراء الظواهر المتطرفة و الكوارث الطبيعية صار الاعتماد على أنظمة الإنذار المبكر في تقليل آثار تلك الكوارث أمرا حتميا و واجبا على الحكومات و المؤسسات المعنية بأمر السلامة و المناخ.

فعالية نظم الإنذار المبكر أثبتت ذاتها في خضم عدد كبير من الكوارث التي اجتاحت مناطق من العالم، فقد وفرت تلك الأنظمة معلومات قبلية مهمة ساعدت السلطات المعنية في التقليل من خسارة الأرواح، و خسارة الأموال التي كانت ستكون مضاعفة لو أن المعلومات لم تكن متوفرة.

تحيط أنظمة الإنذار المبكر أهميةٌ كبرى تتعدى دورها الأساسي في دعم قدرة المجتمعات على التكيف مع تغيرات المناخ و الطواريء، ذلك لعلاقتها بالتنمية؛ فتلك الأنظمة تدعم الخطط الوطنية بالمعلومات التي تساعد في إنقاذ المجتمعات من هاوية الإفلاس و الفقر، لتأثير الكوارث الطبيعية و الظواهر المتطرفة على الواقع الاقتصادي أينما وقعت.

لقد صار التخطيط للمشروعات التنموية التي تسعى إلى رفع المستوى الاقتصادي في المجتمعات المحلية مرتبطا ببيانات تلك الأنظمة التراكمية و الآنية.

في أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية تُقْعِدُ الكوارثُ المجتمعات عن ركب التقدم و تعيدها إلى قاع الفقر عندما تقع، تلك المجتمعات يمكن اليوم حماية مزارعها و مواشيها و مصادر أمنها الغذائي الأخرى بفضل المعلومات المقدمة من أنظمة الإنذار المبكر.

تقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من خلال موقعها الإلكتروني إن “الإنذار المبكر أثبت أهميته و لا بد أن تستفيد منه جميع المجتمعات، فما بين عامي 1970 و 2021 تم تسجيل ما يفوق مليوني حالة وفاة، و خسائر مقدارها 4,3 تريليون دولار بسبب ظواهر طبيعية متطرفة”.

تبين خلال أعوام قليلة مضت أن كلفة الاحترار يدفعها بشكل أكبر من لا يساهمون فيها بالقدر الكبير، و لا شك أن الكوكب كمحيط بيئي بحاجة إلى إنقاذ عاجل عن طريق الوفاء بالالتزامات المعلنة بشأن الحد من الانبعاثات، و لكن ما يجب الآن على الجميع هو تعزيز كل شراكة يمكن أن تستثمر في مجال الإنذار المبكر.

تؤكد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في سياق تقديمها لمبادرتها لتعزيز أنظمة الإنذار المبكر أن حالات الوفاة نتيجة الكوارث و الظواهر المتطرفة انخفضت من 550000 فيما بين 1970 و 1979، إلى 185000 بين 2010 و 2013 بفضل الإنذارات المبكرة.

لقد كان لأنظمة الإنذار المبكر في 2024 دور في تجنيب ملايين السكان في أفريقيا ويلات الفيضانات و الجفاف، و ذلك بفضل مجهودات كبيرة بذلتها ICBAC و هي المنظمة المعنية بالمناخ في دول شرق و وسط أفريقيا.

تشير التقارير إلى أن الملايين من السكان في جنوب إثيوبيا و السودان تعاملوا مع نشرات المنظمة و استفادوا منها بمساعدة السلطات المحلية، التي استفادت أيضا من تلك النشرات في تدعيم استعداداتها و توجيهاتها للسكان؛ مما أنقذ العديد من الأرواح، و مكن السكان من تفادي خسائر إقتصادية كبيرة.

تعمل الأمم المتحدة ممثلة في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية على ضمان حماية كل فرد من سكان الكوكب عبر أنظمة الإنذار المبكر بحلول عام 2027، ذلك بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، و هي جهود يدعمها الاتحاد الدولي للاتصالات و الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر و الهلال الأحمر.

تعتمد المنظمة لتحقيق هذا الهدف على مدى تعاون عضويتها المكونة من 185 دولة و 6 أقاليم، و مدى القدرة على إنشاء و تفعيل شراكات يمكن أن تعزز أنظمة الإنذار المبكر لتغطي شبكتها الجميع بفعالية و جودة في الخدمات.

تحديات تواجه نشر أنظمة الإنذار المبكر

لم تنعتق العديد من الدول من شباك الحروب و النزاعات و التخلف الاقتصادي، و ذلك أكبر تحد يواجه المنظمة في إقناع تلك الحكومات باعتماد أنظمة الإنذار المبكر ضمن أولوياتها، كما أن مجتمعات عديدة ما تزال تعتمد على خبرتها المتوارثة في التعامل مع أحوال الطقس و اتخاذ قرارات التنقل و ممارسة النشاطات الرعوية و الزراعية، كما لو أن الأمور تمضي على ما كانت عليه في السابق، و هو تحد آخر يواجه السلطات المعنية في الدول بشأن إقناع السكان بضرورة الاعتماد على النشرات التحذيرية الصادرة من الجهات المعنية كمصدر للمعلومات.

أمام هذه التحديات و غيرها لا يملك العالم غير المضي في تعزيز ثقافة الاعتماد على بيانات الإنذار المبكر في التخطيط للتنمية، و بناء المزيد من الشبكات للوصول إلى أفضل النتائج.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.