تأثير البيئة المنزلية على التفكير الإبداعي
البيئة المنزلية يقصد بها المكونات المحيطة بالإنسان في المنزل سواء كانت ملموسة أو محسوسة، و تشمل البناء و الأثاث و أشكاله و ألوانه و أفراد الأسرة و سلوكهم و غير ذلك مما يحيط بالإنسان و يؤثر على حالته النفسية داخل المنزل، و نسبة لقضاء الإنسان أوقاتا طويلة و مهمة داخل منزله كان لابد من تناول تأثير البيئة المنزلية على التفكير الإبداعي.
ما هو التفكير الإبداعي ؟
التفكير الإبداعي مهارة أساسية ليست مرتبطة بمجال معين و إنما تتصل بكافة مجالات الحياة، و ممارسة تلك الحياة على نحو يجعلنا قادرين على حل المشكلات بسلاسة، و تقديم حلول مبدعة للمطلوبات، و القدرة على الوصول إلى النتائج بشكل سريع و فعال من غير إغفال الجانب الجمالي أو الإنساني في ما نتوصل إليه.
و يتولد الإبداع من عدة عوامل من ضمنها القدرات الذاتية للشخص، و خبراته التي تحصل عليها من الممارسة الحياتية اليومية، إضافة إلى البيئة المنزلية التي تمثل عمادا للتفكير الإبداعي و المنتوج الفكري الخلاق للشخص.
ما هي علاقة البيئة المنزلية بالتفكير الإبداعي ؟
تعمل البيئة المنزلية على تنمية التفكير الإبداعي لدى الفرد إن ما اشتملت على عوامل التحفيز، و تعمل على هدم التفكير الإبداعي إن ما اشتملت على عوامل الهدم الكثيرة و التي تحرم الفرد من تقديم الحلول الإبداعية لنفسه أو لأسرته أو للمجتمع لكل، و ذلك ما تؤكده الدكتورة نجلاء عبد المحمود خبير التوجيه و الإرشاد الأسري و التفوق الدراسي.
و تزيد د. نجلاء عبد المحمود بأن البيئة المنزلية تسهم بشكل مؤثر على التفكير الإبداعي خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يوفر الآباء و الأمهات بيئة داعمة تشعر الأطفال بالأمان في التعبير عن أفكارهم الجديدة، كما أنهم لا يخافون في ظل البيئة المثالية من النقد السلبي.
و تشير د. نجلاء إلى أن البيئة المنزلية المثالية للطفل تتوفر فيها الألعاب المحفزة للخيال و المثيرة للتفكير، كما أنها تتيح حرية الاستكشاف، و يكون فيها الآباء قدوة في ممارسة تقديم الحلول الإبداعية و ممارسة الهوايات و كذا التفكير النقدي.
و تشجع الدكتورة نجلاء عبد المحمود على أن لا تكون البيئة المنزلية معاقبة صارمة على الأخطاء؛ حتى لا تقهر جرأة الطفل على التفكير و التعلم من الأخطاء، و ذلك على العكس من البيئات القاسية القاتلة للمواهب و المبادرات، و تلك تضعف القدرة على الابتكار و تقديم أفكار جديدة و جريئة.

البيئة المنزلية المنظمة
تعمل البيئة المنزلية المرتبة و المنظمة على عدم تشتيت الحواس، و بالتالي المساعدة على التركيز، و يعتبر ذلك من المحفزات على التفكير الإبداعي المبني على الخيال و الهدوء و العمق المفضي إلى الفكرة الخلاقة.
و تعد البيئة النظيفة المنظمة مسرحا للذهن و واحة، يستخدمها لإطلاق قدراته إلى أقصى حدودها، على عكس البيئة مبعثرة الأشياء، و تلك المزحمة بالتداخلات البصرية المزعجة، و التي تجعل المكان ضيقا على اتساعه، و ضحلا بالرغم عن عمقه.
الأفراد في البيئة المنزلية
يجد الشخص التشجيع و الحفز من المتواجدين حوله في البيئة المنزلية، و من شأن ذلك تعزيز الثقة بالنفس، و دعم القدرات الذاتية التي يتمتع بها الشخص، باعتبار أنه يجد من يتلقى أفكاره بسرور و يدعمه لتقديم المزيد الأكثر إبداعا و إبهارا.
ذلك على عكس البيئة الصاخبة، أو تلك التي يسخر أفرادها من بعضهم البعض و ما يقدمونه من حلول أو أفكار في الشؤون المختلفة، فتلك بيئة منزلية هازمة للمبادرات، و قاتلة للإبداع.
البيئة المنزلية و الإلهام
الإلهام هو أصل الفكرة الإبداعية، و منابع الإبداع مصادرها متعددة، من شأن توافرها في البيئة المنزلية أن يحفز التفكير الإبداعي على نحو كبير، فالبيت الذي توجد به مكتبة على سبيل المثال يعد بيئة خصبة للأشخاص ذوي القدرات و الخبرات المبدعين، و كذا المنزل الذي يحتوي على الغرف الهادئة التي يستطيع الشخص أن يمارس فيها الكتابة أو التأمل و التفكير، من غير مقاطعته أو اقتحام خلوته.

آفات التفكير الإبداعي التكنولوجية
تسهم العديد من العوامل في الحد من ممارسة التفكير الإبداعي و هزيمته و دثره، و منها إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، و المداومة على مشاهدة الأفلام و المسلسلات، مع التأكيد على دور التكنلوجيا و المشاهدة ككونها من مصادر الإلهام الجيدة.
يعد تسليم الذهن للتكنولوجيا من أكثر أسباب قتل التفكير، مع أنها وسيلة جبارة في تقديم الإلهام و المساعدة على تقديم أفكار خلاقة.
خاتمة
تشكل البيئة المنزلية التي ننشأ فيها أو التي نعيش فيها قدرا كبيرا من ملامح شخصياتنا، و تسهم بشكل وافر في تشكيل أنماط تفكيرنا و قدراتنا على التعاطي مع الحياة من أبسط مطلوباتها إلى أعقدها، و مع ذلك يفتقد الكثير من الأشخاص البيئة المنزلية المثالية القادرة على دعمهم و تحفيزهم رغم قدراتهم الذاتية الكبيرة على تقديم الأفكار المثمرة و الحلول المثالية، و تلك خسارة كبيرة !.