الصدمة النفسية لدى الأطفال وقت الحروب كيف نتعرف عليها و نتعامل مع آثارها ؟

أثناء الحروب لا يتعرض الأشخاص و المباني فقط للإصابة، بل تمتد الإصابات و إن كانت غير مرئية إلى جوانب أخرى مهمة و عزيزة على الأوطان و الآباء و الأمهات و هي نفوس الأطفال، فتكون الصدمة النفسية لدى الأطفال وقت الحروب من أكبر الخسائر غير المرئية و التي تبقى طويلا، و قد تبقى امتداد أعمار أولئك الأطفال.
النشأة في البيئة المليئة بالدمار و الخوف قد لا تورث الطفل إصابة أو عاهة مستديمة فنراه سليما، لكنه في الواقع يحمل آثارا غائرة في نفسه تستمر طويلا، و قد لا تزول.
كيف نعرف الصدمة النفسية لدى الأطفال ؟
الأطفال عاجزون بحكم سنهم عن التعبير عن مكنوناتهم بشكل كامل أو واف، لكن تبدو من علامات تشير إلى أنه يعاني، و من تلك العلامات الواضحة الدالة على الصدمة النفسية:
- اضطرابات النوم:
تظهر اضطرابات النوم لدى الطفل في شكل صراخ أثناء النوم، أو كوابيس متكررة، أو عدم القدرة على النوم و مقاومته أو تفضيل البقاء مستيقظا.
- التغيرات السلوكية:
هناك علامات تظهر في شكل تغيرات في سلوك الطفل مثل النزوع للانعزال أو العدوانية أو التعلق الزائد بأحد الوالدين في سبيل طلب الحماية.
- فقدان التركيز:
قد تبدو أعراض الاضطرابات النفسية لدى الأطفال في شكل فقدان للتركيز حتى في الألعاب و الدراسة و أشياء كان يستمتع بها في الماضي.
- أعراض جسدية دون سبب طبي:
تظهر أعراض الاضطراب النفسي لدى الأطفال في بعض الأحيان في صورة أعراض مرضية مثل آلام المعدة و الرأس دون سبب طبي، حيث يقرر الطبيب أن الطفل لا يعاني من مرض معين.
- تقمص الأدوار و إعادة تمثيل الأحداث:
أبرز علامات إصابة الطفل بالاضطراب النفسي خلال الحرب هو إعادة تمثيل الوقائع التي حدثت من خلال اللعب أو الرسم أو الحديث، مثل تمثيل لحظات القصف، و هي أكثر اللحظات تأثيرا عليه.


كيف نخفف الصدمة النفسية لدى الأطفال ؟
تواجد الطفل في ساحة الحرب هو الكارثة الكبرى، غير أننا و رغم قسوة الظروف علينا أن نعمل على تخفيف الأثر النفسي للحرب على الطفل من خلال عدد من التدابير التي من بينها:
- الاستماع و الحماية:
تواجدنا بجانب الأطفال خلال اللحظات العصيبة أثناء الحرب من الجوانب المهمة في تخفيف الصدمة النفسية لديهم، كما يجب إشعار الطفل بأننا موجودون لأجله، و أننا تستمع إليه عندما يريد الحديث، و في ذلك دعم نفسي كبير.
- توفير الأمان العاطفي:
في الواقع أننا لا نستطيع توفير الأمن بشكل كامل لأسرنا و أطفالنا على وجه التحديد، و لكن يمثل الأمان العاطفي من خلال طمأنة الطفل أمرا مهما في لحظات الخوف، يكون ذلك بالصدق في إخبار الطفل بما نستطيع فعله من أجل حمايته من المخاطر.
- المحافظة على النظام:
بمحافظتنا على النظام في مواعيد النوم و مواعيد تناول الطعام و غيرها نخفف على الطفل وقع التغيرات الحادثة في حياته و حياة من حوله، باعتبار أن الحرب و أحداثها أمور طارئة و قاهرة تحدث في حياة الناس.
- تفعيل نشاطات اللعب و الرسم:
بإمكان نشاطات اللعب و الرسم أن تعين الطفل على التعبير عن مشاعره خلال الأوقات التي يمكن فيها فعل ذلك، و تلك من الأساليب المفيدة في التخفيف من الصدمات النفسية لدى الأطفال في أوقات الحروب.
- إيقاف مشاهدة مشاهد الحرب و العنف و الأخبار:
في أوقات الحرب تتدفق الصور و المقاطع المصورة من خلال المواقع الإلكترونية و التلفاز و مواقع التواصل الاجتماعي، و تلك أكبر المؤثرات السالبة على الأطفال و حالتهم النفسية، فيكون على الآباء إيقاف مشاهدة تلك المواد منعا لإصابة اطفالهم بالاضطرابات.


هناك حالات من الاضطرابات تكون أعراضها مقلقة و في ازدياد مستمر، و هو ما يحتم على الآباء و الأمهات ضرورة اللجوء إلى المختصين لتقديم الدعم النفسي للطفل الضحية، و تكون تلك الخدمات النفسية في أغلب الحالات لدى الجهاز الصحي الرسمي إن وجد أو المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق الحروب و النزاعات.
إن أفظع الكوارث في زمن الحرب تقع على نفوس الأطفال، و يكون إنقاذهم ليس بتوفير الطعام و الماء الصالح للتناول فحسب، إنما بإضافة الرعاية النفسية و الدعم النفسي لقائمة احتياجاتهم في ظروف قاسية تنصر الموت على الحياة.