أسبالتا

بين مطرقة الحرب و سندان التنظيم .. الوجود الأجنبي في ولاية الخرطوم

🖋️حيدر بركة

تتسارع وتيرة الأحداث في ولاية الخرطوم من تنظيم و ترتيب و صيانة للخدمات العامة رغم استمرار الحرب، و في خضم هذه الأحداث، تبرز قضية كانت حاضرة بقوة في النقاش العام قبل اندلاع الصراع، ألا وهي مسألة الوجود الأجنبي في السودان.

بينما كانت الأصوات تتعالى مطالبة بتقنين أوضاعهم و ضبط تواجدهم في البلاد قبل الخامس عشر من أبريل 2023، ولاية الخرطوم من بداية شهر مايو الجاري نفذت حملات لضبط و تقنين هذا الوجود في مناطق مثل المنشية و الجريف و الحاج يوسف و أجزاء من بحري.

الوالي و فريق العمل يقومون بعمل أكثر من رائع و مجهود، جبار فريق يعمل مثل النحل بتناغم منسق.

إن هذه الحملات تأتي في سياق أمني و وضع معقد، خاصة بعد أن كشفت التقارير عن انضمام أعداد ليست بالقليلة من الأجانب إلى صفوف المتمردين.

هذا التطور الخطير يطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة هذا الوجود و تأثيره على أمن البلاد واستقرارها.

فالمطالبات السابقة بتقنين الوجود الأجنبي لم تكن وليدة فراغ، بل كانت تستند إلى مخاوف مشروعة من سُكان الأحياء و المواطنين بشكل عام.

تتعلق هذه القضية بتأثيرات اقتصادية و اجتماعية محتملة، فضلاً عن بعض الشواغل الأمنية التي يبدو أنها تجسدت اليوم بصورة أكثر وضوحاً للجهات الحكومية.

لا شك أن انخراط أفراد أجانب في القتال الدائر يمثل تحولاً مقلقاً في طبيعة الصراع، و يزيد من تعقيد المشهد الإنساني و الأمني على حد سواء، فبينما نسعى جاهدين لحماية المدنيين و توفير المساعدات الإنسانية الضرورية، نجد أنفسنا أمام تحدٍ إضافي يتمثل في التعامل مع هذه العناصر الأجنبية التي تقاتل مع صفوف التمرد.

القوات المسلحة قامت بعرض أدلة عن مجموعة من الأجانب و تم نشرها في وسائل الإعلام.

إن الحملات التي تقوم بها السلطات في ولاية الخرطوم، يجب أن تستمر و إن توقفت الحرب و يجب أن يعم هذا التقنين و الضبط كل الولايات، ضبط الأشخاص مع (ضبط الإيجارات و عقود العمل) هذه الحرب فرصة لتصحيح الكثير من سلبيات الماضي و يجب أن تتم المتابعة المباشرة من الجهات العليا، فهذه تعد ضمن اجندة أمن الدولة و لا تهاون فيها.

إن التعامل مع ملف الوجود الأجنبي في ظل هذه الظروف الاستثنائية يتطلب حكمةً وتبصراً، فمن جهة هناك حاجة ملحة لضبط الأوضاع الأمنية و التأكد من عدم وجود عناصر تهدد استقرار البلاد، ومن جهة أخرى، هناك مسؤولية إنسانية تقع على عاتقنا تجاه هؤلاء الأفراد، خاصة أولئك الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا أنفسهم في قلب هذه الحرب المدمرة.

تجب المعاملة الكريمة حتى الترحيل لمن أثبتت ملفاته وجوب ترحيله،و يجب التمييز بين الأجانب الذين وجدوا أنفسهم عالقين في براثن الحرب مع أسرهم، و الذين يسعون للنجاة بأرواحهم، و بين أولئك الذين انخرطوا طواعية في القتال.

إن الحلول لا يمكن أن تكون أحادية الجانب أو قائمة على التعميم، بل يجب أن تتضمن آليات واضحة و شفافة لتحديد هوية الأفراد و تقييم أوضاعهم بشكل فردي و ضرورة إشراك المنظمات المعنية بالأمر أو حتى مجرد إخطار بهذه الخطوة.

المنظمات عليها متابعة من فر هرباً من بلاده خوفاً من بطش أو تهديد بالقتل…الخ.

إن هذه اللحظة العصيبة تتطلب منا جميعاً، نحن السودانيين، أن نتحلى بالوعي و المسؤولية و إظهار الوعي المجتمعي، و يجب أن نتذكر أن (الدين المعاملة) و قيمنا السودانية الأصيلة تحتم علينا التعامل بعدل ورحمة مع كل من وجد نفسه على أرضنا، حتى في أحلك الظروف، و في الوقت نفسه، لا يمكننا أن نتجاهل المخاطر الأمنية التي تفرضها الحرب و تستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية البلاد و مواطنيها.

إن تحقيق التوازن بين هذه الاعتبارات المتضاربة ليس بالأمر الهين و اللين كما يظن البعض، نضع ثقتنا في والي ولاية الخرطوم أنه أهل لهذه المهمة الشاقة العظيمة فهي ضرورة فرضت في وقت حرج يجب الخروج منها بسلامة و سلاسة وإنسانية.

إن مستقبل السودان يتطلب منا اليوم أكثر من أي وقت مضى، التفكير بعمق و العمل بحكمة من أجل بناء مجتمع آمن و مستقر و عادل للجميع.

شكراً ولاية الخرطوم على المجهود و المزيد من التوفيق.

أخيراً
يجب أن نكون صوتاً لمن لا صوت لهم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.