تيك توك أم السينما؟ الفروق الفردية بين جمهور المنصات السريعة و عشاق الشاشات الكبيرة
جمهور تيك توك يفضل المقاطع السريعة و المضامين السطحية.
في عصرنا الموسوم بعصر السرعة و التي أنتجت كذلك المحتوى السريع و الرشيق و القصير، يظهر التباين واضحا بين جمهور تيك توك، المنصة المتخصصة في بث المقاطع القصيرة على مدار الساعة و بين جمهور السينما، ذلك الجمهور الذي مازال يرى فيها قمة الفن التعبيري و الانفعالي.
هذه المقالة تجيب عن السؤال: ماهي الاتجاهات النفسية لكل جمهور؟ و هل يمكن أن تكون هذه الاتجاهات مؤشرات لتغيرات سلوكية و ثقافية في المجتمعات العربية؟.

أولا: مميزات جمهور تيك توك
يتميز جمهور تيك توك بالبحث عن الإثارة اللحظية الآنية و لهذا يميل إلى المحتوى القصير و السريع، فيجنح المتلقي إلى مشاهدة مقاطع تتراوح مدة الواحد منها ما بين 15 و 60 ثانية سواء للمعرفة أو الفكاهة أو أي من أشكال الترفيه.
و الواقع أن هذا النمط من الإنتاج ساد منذ تسعينات القرن الماضي، فتمشهد في الأغاني القصيرة المصاحبة للقصص المصورة “كليب”، و في الإنتاج الإذاعي لمحطات الأف أم، و ذلك طلبا للسرعة و هربا من نفور الجمهور الذي أصبحت العجلة سمته.
و يميل جمهور تيك توك لحب التنوع و التغيير الذي توفره المنصة المتجددة على مدار ساعات اليوم، فالمستخدم للتطبيق لا يكتفي في الغالب بمشاهدة مقطع واحد أو اثنين، حيث نجده يشاهد سلسلة طويلة من المقاطع في كل مرة.
يمكن لمستخدم تيك توك مشاهدة عشرات المقاطع متنوعة المحتوى خلال مرة واحدة يستخدم فيها التطبيق، هذه المقاطع تتناول كل شي و بأساليب أيضا متنوعة.
و من مميزات جمهور تيك توك و مستخدميه تعبيرهم عن أنفسهم من خلال ما يقدمونه من محتوى مثل الغناء و الرقص و الفكاهة و لهذا يعشقه الشباب، و كذلك الحصول على رجع الصدى أو ما يمكن تعريفه بآراء الجمهور في ذات الوقت.

ثانيا: مميزات جمهور السينما
يميل جمهور السينما ناحية التعاطف و التذوق و التأمل و متابعة القصص الكاملة و الاستمتاع بأدوات الجذب الدرامية.
و ينقسم جمهور السينما إلى أقسام متعددة بحسب أقسام الدراما، حيث نجد حولنا من يفضلون أفلام الآكشن، و من يفضلون الأفلام التاريخية، و آخرين يعشقون الخيال العلمي و نحو ذلك من اتجاهات و ميول.
و يفضل جمهور السينما إنفاق ساعتين و ربما تزيد في الاستمتاع بالسرد و التفاعل مع شخصيات العمل الدرامي، خاصة إن كان العمل السينمائي ضخما أو جديدا يعرض لأول مرة.
هناك من جمهور السينما من يتابعون جديد الإنتاج السينمائي على مستوى العالم و يشاركون في ترشيحات الأفلام الأفضل، بل يمارسون نوعا من النقد على تلك الأعمال، و يتداولون رؤاهم حولها.
ينفصل الجمهور المحب للسينما عن الواقع أثناء مشاهدته فيلما جيد الصناعة و الحبك، و ذلك للتنافس العالمي على جودة الإنتاج السينمائي و حجم ما ينفق على الاستثمارات فيه.
و يتميز هذا الجمهور كذلك بالخيال و التحليل و العاطفة الفائقة، كما يحبون البعد عن الواقع مؤقتا من خلال الغوص في تفاصيل فيلم له أبعاده الزمانية و المكانية.
مقارنة نفسية بين جمهور التيك توك و جمهور السينما
جمهور التيك توك تعبير شاهد على ثقافة السرعة و التنقل السريع بين الأفكار، فيما يتمشهد العمق في جمهور السينما.
بأي حال من الأحوال لا تعكس هذه الفروقات أفضلية جمهور على الآخر، إنما تعبر عن احتياجات نفسية مختلفة، فحاجة أحدهم للتنقل بين مقاطع تيك توك لا تختلف عن حاجة آخر لمشاهدة فيلم سينمائي جيد الإخراج يشاهده للمرة الأولى على شاشة السينما أو التلفاز.
ختاما
يبرز السؤال: هل نحن نعايش جيلا جديدا يعيد تعريف المحتوى الفني؟، و قد يجبر صناع السينما مثلا إلى الجنوح إلى إرضائه مثلما حدث لمنتجي برامج الراديو و التلفاز؟.
اختلافات الجمهورين تشير إلى تحولات في الوعي و السلوك و التكنولوجيا، و تتبع هذه السلوكيات يساعد على تقديم ما يناسب الجمهور المستهدف.