البيئات الجبلية تحتاج لاعتبار أكبر عند توجيه الجهود لمعالجة قضايا المناخ
تهدف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية و مبادرة البحوث الجبلية من مذكرة التفاهم التي تم توقعيها بين الطرفين في بدايات يناير الجاري إلى تدعيم جهودهما لتفعيل دور المجتمعات المختلفة خاصة في البيئات الجبلية في الهم البيئي و جمع البيانات الممكنة و دعم التنبؤات و موثوقيتها.
توقيع المذكرة جاء مدفوعا بالأثر الملحوظ لأزمة المناخ على المجتمعات في البيئات الجبلية حول العالم، في الجوانب المجتمعية و الاقتصادية و الكثير من متعلقات هذه المجتمعات.
تقول المنظمة إن الدراسات أكدت أن درجة الحرارة في المرتفعات ترتفع بمعدل أسرع مما هي عليه في البيئات الأخرى بنسبة من 1,5 إلى 2، و ذلك ما يلح بالاهتمام بالبيئات الجبلية على نحو أكثر التزاما.
الأمينة العامة للمنظمة سيليست ساولو عبَّرت عن تفاؤلها بالشراكة الموقعة قائلة “يمكننا معا التأثير بشكل أقوى على أطر السياسات العالمية و مبادرات الطقس و المناخ و المياه دفعا لاتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة تأثيرات النظم الإيكولوجية الجبلية.
البيئات الجبلية أهمية تحث على الاهتمام
عندما لا تقل الارتفاعات عن 300 متر في دائرة نصف قطرها 6,98 كيلومتر تكون البيئة جبلية، و ينطبق عليها تعريف البيئة الجبلية التي تغطي 24% من مساحة الأرض غير المغمورة، و تلك نسبة كبيرة ينبغي النظر إليها باعتبار أكبر عندما يتم النظر للبيئات الأكثر تأثرا بالتغير المناخي.
ليس ذلك فحسب، فالمناطق الجبلية تكتسب أهمية أخرى باعتبار أن 12% من سكان الكوكب يعيشون فيها، و يعيش 14% من سكان الأرض في مناطق مجاورة لبيئات جبلية يؤثرون عليها و تؤثر عليهم.
أهمية المناطق الجبلية تبدو أكثر تجليا عندما يتحدث الناس عن المياه، فيجدون أن 70% من المياه العذبة مصدرها الخزانات الجبلية، ذلك غير السياحة الجبلية التي تدر دخولا معتبرة للعديد من الدول التي تستثمر في المجال استنادا على إمكاناتها الطبيعية.

تمنح الجبال ميزات جمالية فريدة تجذب السياح لممارسة هواياتهم في التزلج على الجليد، و تسلق القمم الشاهقة، و المشي بين السفوح، و الرحلات و التخييم، و الطيران الشراعي و التعرف على مخلوقات فريدة تعيش في تلك البيئات.
و تعتبر دولة بوتان هي الأعلى على مستوى العالم بمتوسط ارتفاع عن سطح البحر يصل إلى 10,760، تليها نيبال بمتوسط ارتفاع يصل إلى 10,715، ثم طاجيكستان بمتوسط ارتفاع يبلغ 10,455، و جميعها بلدان عُرِفت بجمال المشهد و جذب الزوار، و ذلك ما يمنح البيئات الجبلية أكثر مما يتوقع الناس من أهمية.
يستمتع الناس بالطبيعة الجميلة كنوع من السياحة البيئية حيث الجبال و البحيرات فيما بينها و المنتجعات التي تقام فيها، و الهدوء و البعد عن صخب المدن، و ذلك يتجلى في جبال الألب و جبال أسكتلندا و الهملايا و الروكي و الإنديز و السعودية و غيرها الكثير.
انفتاح الاقتصادات على السياحة الجبلية يبرره حجم ما يقدمه قدوم السياح من فرص يستفيد منها المجتمع المحلي و الدولة المستضيفة على حد سواء؛ فالمجتمع المحلي يتمتع بفرص عمل كثيرة في مجالات إيجار الحيوانات، و توفير مساكن الإقامة للسياح، و قيادة السيارات و بيع التحف المصنوعة محليا، و قيمة العروضات الثقافية كالاحتفالات و الرقصات و غيرها مما يستهوي القادمين.

يقول المؤلف أجناسيو بالومو في دراسة منشورة إن دولة نيبال الآسيوية استقبلت في 2014 نحو 100,000 سائح معظمهم من هواة الرحلات و تسلق الجبال، و ذلك يمثل 2% من الناتج المحلي للدولة، و هو عمق آخر لتأثير البيئات الجبلية على حياة الناس، بما في ذلك أولئك الذين لا يعيشون فيها.
تشير التقارير إلى أن المناطق المرتفعة أسرع تأثرا بالتغير المناخي و أن الثلوج فيها و التي تخزن المياه تذوب و يهدد ذلك النظم البيئية بلا شك، و هو ما تشير إليه دراسات عديدة من بينها دراسة أوغلا و بادولا في 2015، و التي خلصت إلى أن تغيير المناخ يؤثر بشكل عميق على أنظمة الغذاء في البيئات الجبلية المرتفعة، كما أن تآكل الثلوج و تغير أنماط هطول الأمطار يؤثران على الزراعة الاكتفائية في قرى الهند و نيبال المرتفعة.
إن إشراك كافة مجتمعات الأرض بفعالية في التعاطي مع قضايا التغير المناخي يسهم في ترسيخ ثقافة تدفع عمليا مساعي مقاومة الاحترار العالمي، و تقود بشكل جماعي إلى نتائج ملموسة في هذا المجال.
