الاتصالات السلكية و اللاسلكية .. الحاجة أم الاختراع
كثيرا ما كان ينظر إلى شركة لوسنت تكنولوجيز على أنها رائدة الأبحاث المؤثرة في مجال الاتصالات، أهلها لذلك كونها شركة أمريكية متعددة الجنسيات لمعدات الاتصالات السلكية و اللاسلكية، كانت شركة يشار إليها بالتقدير الاحترام منذ تأسيسها في الثلاثين من سبتمبر من عام 1996 و إلى حين اختفائها في عام 2006.بعدما وظفت 30 ألفا و 500 شخص، و حققت عائدات ب 9,44 مليار دولار.
الشركة التي كانت قبلا جزءا من وحدة تقنيات الأعمال أيه تي أند تي تكنولوجيز و شركة ويسترن إلكتريك و مختبرات بيل بدأت التجارب على الهاتف المحمول في عام 1947، بمعاملها بنيوجيرسي، غير أنها لم تكن صاحبة أول هاتف محمول، إذ أن إنجاز الهاتف المحمول كان من نصيب الأمريكي مارتن كوبر الباحث في شركة موتورولا للاتصالات في شيكاغو ، و هو الذي أجرى أول مكالمة بواسطة هاتف محمول من ابتكاره و إنتاجه في الثالث من أبريل من عام 1973.
مارتن كوبر المولود في الثالث و العشرين من ديسمبر عام 1928 كان قد حصل شهادة بكلاريوس الهندسة الكهربائية من معهد إلينوي للتكنولوجيا في عام 1950، و من ذات المعهد حصل في عام 1957 على درجة الماجستير.
ترجع الأصول العرقية لكوبر إلى أوكرانيا ، إلا أنه من مواليد شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث عاش سنوات حياته الأولى فقيرا، الأمر الذي فرض عليه التدرب كضابط احتياط حتى يتمكن من دفع رسم الدراسة بمعهد الهندسة.
لاحقا عمل كوبر على ظهر مدمرة بحرية كانت مهمتها نسف خطوط السكك الحديدية إبان الحرب في شبه الجزيرة الكورية، و التي كانت قد نشبت ما بين عامي 1950 و 1953.
و مع انتهاء الحرب هناك عاد كوبر للعمل بالغواصات في جزر هاواي الأمريكية، ذلك قبل أن يلتحق بفرع لشركة الكهرباء الغربية، و هكذا وجد كوبر نفسه في ما تمناه، و درس لأجله.
كانت شركة موتورولا من أكبر شركات ذلك الزمان، و أوسعها سمعة، لقد كانت شركة عريقة أسست في الخامس و العشرين من سبتمبر من عام 1928، و قد كان مقرها في شاونبيرغ بإلينوي.
في عام 1954 بدأ كوبر عمله في شركة موتورولا، حيث أسهم في زيادة أرباح الشركة في مجال الساعات الرقمية، التي اشتهرت الشركة بتقديمها للجمهور، و ذلك كان واحدا من أبرز إنجازات كوبر مع تلك الشركة الرائدة.
في أوائل سبعينات القرن الماضي كانت الهواتف الخلوية مدمجة في السيارات، كما أن توصيلها كان أمرا غير عملي، نظرا للتعقيدات الفنية و الهندسية التي أدت بالطبع إلى تعقيد الاستخدام لتلك الهواتف، في ذلك الوقت لم يكن لدى الأمريكيين سوى القليل من وسائل الاتصال اللاسلكي، و قلة تلك الوسائل جعلت من استخدامها أمرا صعب المنال، لكثرة الطلب و قلة مقدمي الخدمة اللاسلكية.
الاتصالات السلكية و اللاسلكية تدخل عهدا جديدا
بعد توليه إدارة قسم هواتف السيارات بشركة موتورولا قرر كوبر تطوير نظام لاسلكي يصلح للاستخدام داخل السيارة و خارجها، و اشترط على نفسه أن يكون النظام المبتكر خفيف الوزن، يسهل نقله و التنقل به، كما أوجب كذلك أن يكون النظام غير مرتبط بالسيارة عند التشغيل.
بعد 3 أشهر فقط من فكرة كوبر الخلاقة ظهر النموذج الأول للهاتف المحمول، عندما نظم كوبر مسابقة في التصميم بين مهندسي الشركة في عام 1972، و تم اختيار النموذج الأكثر بساطة في تركيبه.

في الثالث من أبريل عام 1973 عقدت شركة موتورولا في قاعات فندق هيلتون بنيويورك مؤتمرا صحفيا لغرض عرض الهاتف المحمول للعالم، حينها قام كوبر بإجراء مكالمة هاتفية شاهدها الناس مذاعة في كل الأنحاء، كما نزل إلى الشارع لإجراء مكالمة أخرى، كانت ناجحة أيضا.
جهود كوبر و خبراء شركة موتورولا أخرجت للعالم هاتفا محمولا يحمل اسم “ديناتاك” ، يزن كيلوجراما واحدا، و بعد مجهودات أخرى لاحقة تمكن كوبر و فريقه من تخفيض الوزن ليكون نصف كيلوجرام.

لقد كان هاتف كوبر بديلا عمليا و ناجحا للهاتف الموجود بالسيارات وقتها ، حيث كان الهاتف الجديد لا يحتاج إلى التوصيل بمصدر طاقة السيارة، كما أنه كان سهل الحمل بدلا عن ذلك الذي كان مثبتا بالسيارة و مرتبطا بها.
عرف العالم الهاتف المحمول على نحو تجاري عندما تم بيعه في العام 1983، بسعر بلغ 4000 دولار.
مارتن لورانس كوبر مخترع الهاتف المحمول يعيب على شركات الاتصالات انهماكها في توفير خدمات كالصور و الألعاب بدلا عن الاجتهاد في توفير خدمات مكالمات جيدة، و هو الهدف الأول من الاختراع.
حاز كوبر الذي أصبح لاحقا مديرا لشركته الخاصة على الدكتوراة الفخرية من جامعة هاسيلت، كما حصل على جائزة ماركوني بقيمة 100000 دولار ، و حصل كذلك على جائزة شارلس ستار كدريبر و هي واحدة من ثلاثة جوائز تشكل جائزة نوبل للهندسة بقيمة 500000 دولار.
مارتن لورانس كوبر مثال لرجال أحدثوا تغييرات كبيرة على الواقع الاقتصادي و الاجتماعي في العالم.، و أثر الهاتف المحمول الذي اخترعه كوبر ما زال باقيا و يتسع.