جرائم الهاتف قضية تقلق الجميع.
في وقت تحول فيه الهاتف المحمول إلى مدير أعمال نمارس من خلاله كافة الأنشطة الحياتية، ازدادت أهميته كما ازدادت المخاطر المحيطة باستخدامنا له، و نشط المحتالون في إيجاد الوسائل الإجرامية المتعلقة بالهاتف المحمول و بياناته.
يعتبر الهاتف المحمول من أدوات الجريمة الخطرة إذا ما أسيئ استخدامه و تسبب مستخدمه في الإضرار بالآخرين، ولهذا نجد أن المشرعين وهيئات تنظيم الاتصالات تربط رقم هاتف الشخص بهويته الوطنية، و بالتالي كل معاملاته داخل الدولة و من ذلك سجله السلوكي أو الجنائي.
جرائم الهاتف .. عقوبات رادعة في مصر
هذا مع سن القوانين التي تنظم استخدام المحمول و تحد من النشاط الإجرامي الذي يمكن أن يستخدم فيه؛ فعلى سبيل المثال يعاقب القانون المصري المدانين بسرقة الواي فاي بالسجن مدة أقصاها 3 أشهر و الغرامة بما لا يقل عن 10,000 جنيه و لا يزيد عن 50,000 جنيه.
قائمة العقوبات كثيرة، و قد تم سنها لتتناسب مع حجم الجريمة و مدى إضرارها بالمجتمع، حيث يعاقب القانون في مصر على خدش قيم الأسرة و المجتمع بإنتاج و بث المواد المبتذلة بالسجن لمدة 6 أشهر، مع غرامة تبدأ من 50,000 جنيه و تنتهي في حدود 100,000 جنيه.
أما أولئك الذين يرتكبون جريمة تزوير الحسابات الإلكترونية فعقوبتهم هي الغرامة بمبلغ 30,000 جنيه مع السجن لمدة لا تقل عن 3 أشهر، كما أن جريمة اختراق المواقع الشخصية، أو الاستيلاء على البريد الإلكتروني، فعقوبتها السجن شهرا مع الغرامة بمبلغ 100,000 جنيه.
و تعد الجرائم المرتبطة بالحسابات الإلكترونية من أخطر الجرائم الحديثة لاتساع نطاق أضرارها و تأثيرها على المجتمعات، خاصة المجتمعات المحافظة و التي يعتمد فيها الأشخاص كثيرا على سمعتهم للعيش بين الناس.
جرائم الهاتف و المعلوماتية في السعودية
في المملكة العربية السعودية حرص المُشرِّع على وضع العقوبات التي تسهم إلى أقصى الحدود في ضمان سلامة المجتمع و أمنه، و لذلك فإن جريمة التنصت على المكالمات الهاتفية يعاقب مرتكبها بالسجن لمدة سنة، و الغرامة بمبلغ 500,000 ريال، أو بواحدة من العقوبتين.
أما جريمة الاستيلاء على البيانات أو تخريبها أو محوها أو تعطيل الشبكات فعقوبتها تصل في السعودية إلى 4 سنوات سجنا، مع غرامة تبلغ 3 ملايين ريال، فيما يعاقب القانون على الجرائم الإلكترونية المرتبطة بأمن الدولة بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، مع الغرامة 5 ملايين ريال.
من المثالين يتبين حجم الاحترازات التي تضعها الدول لحسم هذه الجرائم الخطيرة و التي تحول نعمة التكنولوجيا الحديثة إلى أداة ضارة و هادمة للدول و نظامها و أمنها واستقرارها السياسي و الأمني.
تتعدد الجرائم التي تدخل في قائمة الجرائم الإلكترونية و جرائم المعلومات و لكل منها أثره الضار بالمجتمع، و منها جريمة القرصنة و المتمثلة في اختراق النظم و المواقع و الوصول إلى المعلومات المحمية بطرق غير مسموح بها قانونا.
و من أبرز جرائم المعلوماتية المتفق دوليا على تسميتها بالجريمة و معاقبة مرتكبيها جريمة نشر الفيروسات و التجسس، و جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال، و الأخيرة من أوفر الجرائم حظا في تشديد المنع بتغليظ العقوبة؛ لكونها تقع على أكثر فئات المجتمع ضعفا و هي شريحة الأطفال.
في عام 1999 أغلقت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أنظمتها على نحو مفاجئ بعد تعرضها لهجوم ظنت في البداية أنه منظم من جهة خارجية، تمتلك قدرات كبيرة، إلا أن التحقيقات سرعان ما كشفت الفاعل، و الذي لم يكن سوى مراهق يبحث عن التسلية!.
ومن أشهر الجرائم في هذا النطاق تمكن متسللين من سرقة بيانات 100 مليون مستخدم لشبكة ” بلاي ستيشن” في عام 2011، و هو ما عدَّه المراقبون واحدة من أضخم جرائم المعلوماتية على الإطلاق، نسبة لعدد ضحاياها.
على النطاق الشخصي و فيما يلي أمن بيانات الهواتف المحمولة يوصي الخبراء باستخدام كلمة السر، و النمط الرسومي، إضافة إلى بصمة الوجه لتأمين شاشة الهاتف المحمول.
و يوصي الخبراء كذلك بتنزيل التطبيقات فقط من المصادر الموثوقة، و التي تعتمد على تقديم تطبيقات تم فحصها على متاجرها، حتى لا يقع الشخص فريسة للتطبيقات التي تحتوي على الفيروسات و المحتويات الضارة.
يدفع حسن النية الكثيرين إلى الضغط على الروابط التي تصلهم عبر الرسائل و غيرها، و تلك الروابط مجهولة المصدر تكون ملغومة بالفيروسات و البرامج الضارة؛ مثل برامج التجسس و سرقة البيانات، و يؤكد المختصون على أهمية الانتباه عند منح الأذونات للتطبيقات، خاصة أذونات الكاميرا و قائمة الأسماء و المايكرفون.
يشتكي المستخدمون من محاولات اختراق حساباتهم على منصة واتساب و منصة فيسبوك، و ذلك ليس كل غاية المخترقين ، لكنهم يبحثون عن الثغرات الأمنية في حساباتنا على المنصتين لاختراق الهاتف و الوصول إلى محتوياته من صور، و مقاطع فيديو، و قائمة أسماء جهات الاتصال، و كلمات السر.
تطرح الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي سلسلة من أدوات الأمان، إلا أن بعضنا يغفل الاهتمام بتفعيلها، كما أن من بيننا من يظنون أن أوضاعهم الاجتماعيه كونهم من العامة و ليسوا من المشاهير قد تجنبهم هجمات القراصنة، و ذلك من الأخطاء الكبرى في عالم اليوم، فكل هاتف يعد هدفا بغض النظر عن وظيفة حامله.
يسهل أولئك الذين يستخدمون تطبيقات غير رسمية لمنصات فيسبوك و واتساب كثيرا من مهمة المتسللين، حيث لا تتمتع التطبيقات غير الرسمية بدرجة الأمن الموجودة في التطبيقات الرسمية، كما أن بينات الأشخاص معرضة للسرقة حال تثبيت و منح الأذونات لتطبيقات مجهولة المصدر.
عندما نقوم بتنزيل و تثبيت و استخدام التطبيقات المزورة أو مجهولة المصادر و نمنحها حق الوصول للكاميرا و الأستديو و قوائم الأسماء و المراسلات، فإننا نمنح غرباء لا نعرفهم حق الوصول لهواتفنا، بل والاطلاع على أدق تفاصيل محتوياتها و التي هي من خصوصياتنا.
تتمثل خطورة جرائم المعلوماتية و الجرائم الإلكترونية في إحداث الخسائر في الشركات، عن طريق الاستيلاء على معلوماتها الخاصة، أو تدمير شبكاتها، كما أن هذه الأنواع من الجرائم تعرض الأشخاص لخطر انتحال صفاتهم و شخصياتهم بعد سرقة بياناتهم وعناوينهم الإلكترونية.
و تتراوح الأضرار الناتجة عن الجرائم الإلكترونية و جرائم المعلوماتية بين الأضرار المالية المذكورة، و أضرار اجتماعية أخرى لها تأثيرها المدمر؛ مثل المشاكل العائلية الناتجة عن الإشاعات و الأكاذيب.
أما دوافع ارتكاب هذا النوع من الجرائم فتترواح ما بين السرقة و الاحتيال و التسلية في بعض الأحيان، و الأسباب السياسية، غير أن دافع الانتقام هو الدافع الأبرز لارتكاب الجرائم الإلكترونية الموجهة ضد الأشخاص، و تقترن هذه الجريمة المرتبطة بهذا الدافع عادة بجريمة الابتزاز.
على الشخص في هذا العالم الذي تلاشت فيه الحدود أن يحرص على التشفير المستمر للمعلومات، و الاهتمام بعدم تقديم المعلومات الخاصة مثل كلمات السر و مفاتيح الحسابات الإلكترونية، مع الاهتمام بتغيير كلمات السر و مفاتيح الدخول كل فترة زمنية قصيرة.
يبقى أمن معلوماتنا الشخصية مسؤوليتنا التي تتطلب التركيز و الانتباه، نحن نرى الكثير من ضحايا الاختراق و البرمجيات الخبيثة، هؤلاء يفقدون مدخراتهم، و محتويات حساباتهم الشخصية، و خصوصياتهم، و البعض يفقد عائلته بسبب أن أحدهم فقط يريد الانتقام، أو أن أحدهم يشعر بالفراغ.