ما هي التحديات التي تواجه الدول بعد الحرب ؟
الحرب حالة استثنائية تحدث تحولات كبيرة و عميقة في حياة المجتمعات، و يكون عمق هذه التحولات متناسبا مع عوامل مثل طول أمد الحرب و قدرة المجتمعات على التعافي، فما هي التحديات التي تواجه الدول بعد الحرب ؟.
بعد الحروب تنتظر الدول تحديات تتطلب جهودا كبيرة للتغلب عليها، و من أبرز تلك التحديات إعادة الإعمار.
تكون الحرب في غالب أحوالها قد طالت المرافق و البنى التحتية بالتدمير، و لذلك تواجه الدولة تحديات في إعادة بناء ما دمرته الحرب من بنيات أساسية مثل المستشفيات و الطرق و المدارس و تلك مشروعات تحتاج استثمارات ضخمة و وقت طويل.
التحديات التي تواجه الدول بعد الحرب أبرزها في الجانب الاقتصادي
و تعاني الدول الخارجة لتوها من الحرب من التدهور الاقتصادي الناتج من تحملها تكاليف الحرب، و توقف الناتج المحلي فيها على مدى فترة الحرب، حيث تكون النشاطات الاقتصادية مثل الزراعة و الصناعة متوقفة فترتفع معدلات البطالة و الفقر، و لهذا فإن تلك الدول تحتاج جهودا عاجلة و خططا طويلة بالتوازي حتى تتغلب على مشكلاتها الاقتصادية الناتجة عن الحرب.
و لابد من استعجال التعامل مع الأزمات الإنسانية التي نتجت عن حالة الحرب، فهناك تحديات تتمثل في سرعة توفير السكن و الغذاء و الدواء للنازحين و اللاجئين، بجانب خدمات المياه و الطاقة.
عاشت ألمانيا و هي مثال على القدرة على التعافي 3 حروب، منها اثنتين عالميتين، و خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة بالكامل و منقسمة إلى دولتين.
و رغم فقرها و قلة مواردها الطبيعية فيما عدا الفحم الحجري فقد عادت ألمانيا ناهضة في ظرف 30 عاما فقط.
استثمرت ألمانيا في مجانية التعليم في كافة مراحلة، و قدمته مجانا إلى الشعب، حتى عادت مثلما كانت في السابق مثالا في العلم و التفوق التكنولوجي، و هي اليوم دولة متقدمة يعيش شعبها في رفاهية و تقدم.
و لا يجب إغفال جانب تعزيز الثقة بين الحكومة و المواطنين ، و بين المواطنين أنفسهم؛ خاصة في حالة الحروب الأهلية، التي يجب أن يتبعها عمل عدلي مكثف يقوي الثقة في الحكومة و الدولة، و يزيل المظالم، و يعيد التصالح الاجتماعي في ظل العدالة التي تمنح كل ذي حق حقه.
لا شك في أن الدول التي عاشت حالة الحرب تواجه بتحديات أمنية كبيرة، فقد تستمر التوترات في ظل انتشار السلاح، و انتشار خطاب الحرب، و ذلك يتطلب مجهودات كبيرة تبذلها الجهات المسؤولة عن الأمن و الإعلام و المؤسسات المجتمعية الكبرى.
و حتى يتم تقديم الإسعاف العاجل لجسد الدولة لابد أن توضع أولويات يتبعها عمل جاد و مخلص في هيكلة و مراجعة المؤسسات لضمان شفافيتها و قدرتها على سرعة إعادة المجتمع إلى وضعه الطبيعي.

على سبيل المثال استعادت اليابان التي تتمتع اليوم بحالة اقتصادية و سياسية فريدة سيادتها بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية في 28 أبريل 1959، فبدأت بإعادة تأهيل 80,000 شخص ليقودوا عملية إعادة البناء.
يعاني المتأثرون بالحرب صدمات بالغة و ذلك يضع على عاتق الدولة و مؤسساتها المختصة عبئا كبيرا، يتمثل في تقديم برامج الدعم النفسي و الاجتماعي، و إعادة تأهيل الحالات المتقدمة في هذا الجانب.

لا بد من تحمل تبعات الحرب طالما وقعت و اكتوى بها المواطنون و تضررت منها الدولة، ذلك من أجل استمرار الحياة و النهوض من جديد، باعتبار أن الدولة ما هي إلا جهاز متناغم المكونات، مهمته تقديم الخدمات لمواطنيه وصولا لرفاهيتهم.