أسبالتا

في ذكرى حمد البابلي .. وقفة تأمل في عجلة الأيام

كتب: عمر محي الدين.

حمد البابلي عطَّر حياتنا و مضى..

وإني لَأعلمُ و اللبيبُ خبيرُ
أن الحياةَ و إن حَرصْت غرورُ..

أطلقتني مخيلتي متذكرا بعض ما كان ..من كتاب أيام خاليات، أمضيتها رفقة أحباب أعزاء، عز علينا فراقهم؛ فقد كانوا نعم العشرة و المتكأ، و عند الضيق الملاذ.

حلاوة عشرتهم شهد، و جميل أفعالهم شهود، مؤانستهم رضى، و مشاهدتهم اكتمال.

صمت قلمي ، و صامت كلماتي و لم تفطر جبرا لا اختيارا؛ فعاديات الأيام و نوازلها في بعض أحيان ترغمنا قسرا و تحنينا على مذبح الرضوخ.

بعدا لعبارات تناهت فكانت عاااجزه!!!!
غشانا رمضان متعجلا، منقضيا أيامه من أعمارنا، كنا نعيشه رحلة وراحه، فسحةً وبراحة، نستبق أيامه التي تسابقنا، نحتفي فيه ونحتفل بلقاء أحباب يحرصون فيه علي اللقاء، و هكذا كان الراحل حمد البابلي نسمةً في حياتي، أفتقده و يعتصرني ألم فراقه، البابلي، المتصوف الزاهد والمغني القيمي الطروب ..المادح للمصطفي صلى الله عليه وسلم، و المجيد في مدحه ..نظما و أداء ..و إن تستر …يدهشك حين يتبدل مدحا وقصيد.

حمد الوالد و المربي العطوف على أسرته اللصيق بها …و الذي لم يفصله عنهم سوي الحرب اللعينة.

و مكتوب الفرقة و الوداع …فراق الحبائب وهااادم أفراحهم …

الموت مكتوب علينا و إن باعدتنا الأيام بالمشيئة فهو آت ..

رن هاتفي التاسعة و النصف صباح ذلك اليوم، و بتحيته التي عهدت و تعودت (يا جميل و الله مشتاقين )
حدثني بعدها عن مرارت الحرب التي باعدته عن أسرته و أحبابه، و كيف أنه عاد من رحلته إلى القاهرة التي غادر إليها مرغما، و ترك بها أسرته، عائدا إلى أم درمان التي يحب .. يكرف منها نفسه .. و يتحسس فيها مواطن جمال لا يعرفها إلا هو (متيمنا قدله يامولاي حافي حالق بالطريق الشاقي الترام)
وكيف أنه محسورا و مقبوطا يغادرها إلى مصر لقضاء أيام العيد رفقة أسرته.

حمد البابلي
الراحل حمد البابلي في استوديوهات إذاعة البيت السوداني في رمضان 2015

هذا هو اخر رمضان ..و الذي اعتدنا فيه الجلوس نهارا داخل استديو البيت السوداني الاذاعة يطربنا الفنان حمد البابلي و يمتع منا الخوافق ..عندما يسمعك ..نظره يا السمحه ام عجن …او يشدو برائعته يا أغلي من دمي يا والده يا أمي …عندما يتجلى صوتا و قصيد ..مدد مدد ..مادحا خير العباد….وهكذا تعودنا وعودنا ..على مدى سنوات طويلة …أمضيناها محبة و وفاء….

امتدت بنا المحادثة لأكثر من ساعة و نصف …لم نترك شيئا لم نتحدث فيه.

توادعنا ..آملين اللقاء .. اغلق الهاتف و بعث لي برسالة عبر الواتساب (عمر اخوي مع السلامه ..وربنا يسخر ليك خلقو حلا وترحالا) ولم يزد …

منتصف الليل ..يرن جرس هاتفي مرة أخرى في ذات اليوم من أم درمان، المتحدث هذه المرة
.الأخ الصديق نزار البقداوي ، و بعد التحية (عمر توفي حمد البابلي عصر اليوم بحادث حركة في طريقه إلى مصر) ولم يزد.

ألجمتني الصدمة .. ماثلا لقضاء الله .. صابرا و ممتثلا لأمره …أغلقت هاتفي ..وجهشت بالبكاء وحيدا .. مسترجعا ذلكم الشريط الصباحي ..
مات حمد .. تاركا فينا سيرة و مسيرة ..أثرا ..و حياه ..

(في ذكري رحيله وداعا حمد البابلي ..أنتم السابقون و نحن اللاحقون).

الموت عزال ..و إني لَا أعلمُ واللبيبُ خبيرُ..
إن الحياةَ و إن حرصت غرور.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.