أسبالتا

هل تأتي المشاعر في وقتها المناسب ؟

بقلم: رشا المرضي.

هل تأتي المشاعر في وقتها المناسب ؟ أم أنه ليس لها وقت مناسب في الأصل؟!

مع تسارع أحداث و عجلة الحياة أصبحت ليست وحدها من تصنع القصة، بل المشاعر أيضا، و لكن ماذا لو جاءت مشاعرك متأخرة أو مبكرة؟!.

هل الحب أو الحزن أو الندم أو الامتنان، هذه المشاعر لها توقيت مناسب؟.
هنا يبدأ سؤال فلسفي و إنساني معقد، هل نحاسب على توقيت مشاعرنا حين يتأخر الحزن أو يسبق الحب؟.

أحيانا لا نحزن في نفس اللحظة أو عند الفقد ،بل بعد أيام أو شهور ، و أحيانا نحب قبل أن نفهم من نحن أو من هم.

من ناحية التفسير النفسي تقول سوزان ديفيد الأستاذة بجامعة هارفارد إن المشاعر ليست استجابات فورية دائما، بل عمليات داخلية ناضجة تظهر عندما نكون مستعدين لمواجهتها،
توقيت المشاعر ليس خللا، بل مرآة لنضجنا الذهني و الوجداني.

هل المشاعر المؤجلة آلية دفاع أم قنبلة مؤقتة؟

في الثقافات العربية كثيرًا ما نكبت مشاعرنا و نؤجل البكاء و نؤجل قول “أحبك” ونؤجل حتى الغضب.
يشير الدكتور طارق الحبيب استشاري الطب النفسي إلى أن تأجيل التعبير عن المشاعر قد يكون أحيانا وسيلة للبقاء، لكنه يصبح عبئا إذا طال الزمن .
أما علماء الأعصاب مثل جوزيف لودو فقد أثبتوا أن تثبيط المشاعر يفعل مناطق التوتر في الدماغ مما يؤثر على الصحة النفسية و الجسدية معا.

إن كبت أو تأجيل التعبير العاطفي يمكن أن يُفعل مناطق التوتر في الدماغ مما يؤدي إلى آثار جسدية و نفسية على المدى البعيد، مثل القلق و اضطرابات النوم أو الإرهاق العاطفي.
المثير للتأمل أن بعض المشاعر لا تصلنا إلا بعد أن نبتعد قليلا عن الموقف و نحتاج إلى مسافة زمنية لفهم حقيقة ما حدث و ما شعرنا به حقا و هذا ما يعرف في علم النفس بـالمعالجة العاطفية المؤجلة.

هنا يطرح سؤال هل هناك توقيت صحيح للمشاعر؟
في الغالب الإجابة تكون لا، لكن هناك توقيت لمشاعر صادقه، فالمشاعر لا تلتزم بالجداول الزمنية و لا تهتم بالتوقعات المجتمعية.
يمكن أن نشبها بإنها مثل مواسم الطبيعة قد تتأخر لكنها حين تأتي تنبض بالصدق.

السؤال الأهم متى نشعر؟ و هل نسمح لأنفسنا بالشعور حقًا حين تأتي اللحظة؟
توقيت المشاعر ليس دائمًا تحت سيطرتنا،
لكن الاعتراف بها و مرافقتها باحترام و وعي هو ما يمنحنا القوة لا الضعف.
في النهاية، لا توجد ساعة موحدة للمشاعر.
لكل قلب ساعته البيولوجية الخاصة، و لكل روح طريقها نحو الفهم و التفاعل.
المهم ليس أن نشعر في الوقت المناسب بل أن نمنح أنفسنا الحق في الشعور حين يحين وقتنا الخاص.
كن رحيمًا بنفسك حين تضحك متأخرًا أو تحزن فجأة أو تشتاق بعد طول نسيان.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.