آمالٌ معلقةٌ و قلقٌ من المستقبل لا يخفى على أحد من المتابعين للواقع السوداني الحالي في الخارطة السياسية و الاجتماعية التي ترمي بظلالها على واقعنا اليومي بمختلف مجالاته بما في ذلك الصحة العقلية.
تزامناً مع العودة التي تشهدها العديد من المناطق التي كانت بؤرة للصراع المسلح بعد انتهاء أشكال الحرب فيها تظهر مشكلات أخرى ذات طابع قد لا يكون ظاهرا للسياسين و العسكرين، و على سبيل المثال لا الحصر المشكلات النفسية والاجتماعية.

كل من تجرع كاسات النزوح بالداخل أو اللجوء بالخارج عانى ما عانى من ويلات الحرب رغم الصبر و محاولة الانخراط في المجتمعات المستضيفه، لكن يبقى الأمل الوحيد هو العودة للديار من جديد مع مجموعة من التحديات المخاوف و الصراعات التي قد تواجه الكثير من الأسر والأفراد.
قبل الحرب و بعدها بالتأكيد ليسوا سواء، الأمر الذي أظهر مجموعة من المخاوف و أسئلة كثيرة قد يكون أولها (ماذا بعد؟).
الصحة العقلية لا تتصالح مع القلق و التوجس من المستقبل
في حواري مع إحدى النازحات بمعسكر للنازحين، و في جلسة نقاش حول خدمات الدعم النفسي و الاجتماعي أوقفني تساؤلها حول هل سنعود كما كنا؟.
قد يكون السؤال بسيط جداً لكن الموقف الذي قيل فيه هذا السؤال استوقفني للحظات ، هذا سؤال يعبر عن قلق متعدد الأوجه؛ منها قلق اجتماعي و اقتصادي و نفسي وأخلاقي وغيره.
و كما يقال في المثل السوداني التقليدي “من تذوق سم الثعبان يخشى الحبل” فإن ارتفاع القلق من المستقبل يُعزَى لعدة عوامل أولها الخوف من المجهول و التغيرات السلبية التي مر بها من فارق دياره، وكما أسلفت في مقدمة المقال فالعائدُ إلى الديار عائدٌ يحمل آمالا و طموحاتٍ بأن ترجع الحياة إلى شكلها قبل الحرب وأفضل، لكن ماذا يوجد في الديار هل آمنة؟، هل صالحة للحياة؟، هل يوجد علاج؟، وغيرها من المخاوف مما يزيد القلق، ذلك إضافة إلى المشكلات المالية والصحية والعاطفية.

لك ان تتخيل عزيزي القارئ حجم المعاناة التي واجهها هؤلاء الأشخاص في رحلة النزوح أو اللجوء والتحديات التي مروا بها، كل هذه التحديات لها تأثيرها السلبي على برمجة العقل اللاواعي وكيفية ترجمة الوقع لبناء المستقبل.
لكن تبقى الآمال معلقه بأن الأيام القادمة تحمل بين طياتها بشريات تطفئ نار التوجس والقلق من المستقبل المجهول.
د أُبي عادل القاسم الجاك.
اختصاصي علم النفس.
oubaiadil2@gmail.com
ممتاز جدا دكتور واصل الكلام عن الحودري ليصل ل كل العالم اصوات السودانين
بإذن الله تعالى
حقيقة تداعيات الحرب وتبعاتها جعلتنا نُصاب بالاحباط والخوف من المجهول فنحن جميعا يستوقفنا هذا السؤال، هل سنعود كما كنا قبل الحرب؟
يبقي الإيمان الصادق والأمل في الغد أفضل سلاح للشخص لمواجهة هذه الأسئلة والأفكار
نتمنى أن يستطيع السودانيون العودة سريعا و ترميم حياتهم الاجتماعية و الاقتصادية