أسبالتا

الفاشر تحترق والعالم في سبات عميق !


🖋️حيدر بركة.

في ليلة حالكة أخرى من ليالي الخراب التي تعيشها بلادي، استمعنا إلى بيان مجلس الأمن الدولي الذي يدين – ويا لبشاعة الكلمة! – أفعال قوات الدعم السريع المتمردة في الفاشر و مخيمات النازحين، يدين!.

يدين و كأن الإدانة سترد أرواح المئات الذين قضوا نحبهم، وكأن الكلمات سترمم خيام الأرامل والثكالى، وكأنها ستمسح دموع الأطفال الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم في وحشية لم يشهدها حتى أعتى الطغاة.

يتباكى أعضاء المجلس الموقر على تقارير تتحدث عن مقتل 400 شخص على الأقل، بينهم أطفال وعمال إغاثة.

أربعمئة روح أُزهقت! أي رقم هذا في قاموس الإنسانية؟ وأي صمت مطبق يلف العالم وهو يرى هذه المجازر تُرتكب بدم بارد؟ وما سبقه من قتل كان أعظم! أي قانون دولي هذا الذي يسمح بأن تستمر آلة القتل والدمار في حصد الأرواح دون رادع حقيقي؟.
يطالبون بمساءلة قوات الدعم السريع.

يا له من طلب جريء! (لا تعرف أتبكي أم تضحك من السخرية)، وكأن هذه القوات الخارجة عن كل الأعراف والقوانين ستكترث بقرار أو بيان.

لقد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء، انتهكوا كل الحرمات، ولم نرَ من هذا العالم سوى صمت مُخزٍ وتخاذل مشين.

الفاشر و مخيمات النازحين صدر بشأنهما قرار أصبح منسيا

يذكروننا بالقرار 2736، الذي يشمل (خفض التصعيد، احترام المرافق المدنية، حماية المدنيين… إلخ)، ويجددون مطالبتهم بإنهاء الحصار على الفاشر ووقف القتال.

كلمات جوفاء تتردد في قاعات الأمم المتحدة المكيفة، بينما أطفالنا في الفاشر يموتون جوعاً وخوفاً تحت أصوات القذائف ورصاص القناصة.

أي نفاق هذا؟ وأي ازدواجية معايير تجعل دماءنا أرخص من مياههم المعدنية؟،
يتعهدون بحماية المدنيين و الامتثال للقانون الدولي، أين هو هذا القانون عندما تُداس كرامة الإنسان السوداني؟ أين هي هذه الحماية عندما تُغتصب النساء وتُقتل العائلات بأكملها؟.

الفاشر و مخيمات النازحين
آثار القصف في الفاشر

لقد أصبح القانون الدولي مجرد حبر على ورق، لا قيمة له أمام بربرية و وحشية القوات المتمردة واستقوائها بالخارج.

عامان! عامان مرا على هذا الكابوس المريع، والعالم يشاهد ويتفرج، عامان من القتل والتهجير والدمار، ولا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن اتخاذ خطوات حقيقية لوقف هذه الإبادة الجماعية التي تستهدف مناطق دارفور.

يبدون قلقهم البالغ فقط! قلقهم هذا لا يسمن ولا يغني من جوع أطفالنا، ولا يداوي جراح أمهاتنا الثكالى.

يدعون أطراف الصراع إلى السعي لوقف فوري للأعمال القتالية والانخراط في حوار سياسي، أي حوار هذا يمكن أن يجدي نفعاً مع جماعات لا تعرف إلا لغة السلاح والعنف؟، أي مصداقية يمكن أن ننتظرها من قادة تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء؟.

يناشدون الدول الأعضاء بالامتناع عن التدخل الخارجي الذي يؤجج الصراع، ولكن أين كانت هذه المناشدات عندما تدفقت الأسلحة والمرتزقة إلى بلادنا؟ أين كانت هذه الأصوات عندما دعمت قوى إقليمية ودولية هذه الميليشيات الخارجة عن القانون والخارجة عن الإنسانية؟.

يذكروننا بحظر الأسلحة المفروض منذ عام 2004، يا له من تذكير ساخر! فالسلاح يتدفق بغزارة، والقتلة يزدادون قوة وتوحشاً على المدنيين العُزل، والعالم يتفرج على هذه المسرحية الهزلية المؤلمة.

يؤكدون التزامهم بسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، أي سيادة وأي وحدة و أرضنا تنزف و تتقطع أوصالها؟ أي سلامة وأرواحنا تُزهق كل يوم؟ أي أمان تعيشونه ونحن نبكي دماً؟.

لقد رأى العالم القتل والدمار والإهانة والذل والاغتصاب في حربنا ولم تهتز فيه شعرة.

هذا العالم منافق بلا ضمير، تحكمه المصالح الضيقة والقوى المتغطرسة التي تسعى إلى إذلال الشعوب الضعيفة وسلب خيراتها.

وهناك من بني جلدتنا، من العملاء والخونة، من يساندون هؤلاء الغزاة المتسلطين، ويطعنوننا في ظهورنا.

الفاشر و مخيمات النازحين
منسقة الأمم المتحدة المقيمة في السودان كليمنتين نكويتا سلامي

لم يبقَ في مآقينا دموع من الألم والحسرة، لقد جفت ينابيع الدمع، ولم يعد لنا إلا أن نرفع أكفنا إلى الله، مرددين قول المظلوم: “فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ”.

أيها العالم الصامت، أيها المجتمع الدولي المتخاذل، تذكروا أن صمتكم هذا يقتلنا، تذكروا أن تقاعسكم هذا يشجع القتلة والمجرمين، تذكروا أن التاريخ لن يرحمكم، و سيسجل بأحرف من عار تواطؤكم على إبادة شعب أعزل.

يجب أن نكون صوتاً للضحايا ولمن لا صوت لهم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.