هل تقتل التكنولوجيا الذاكرة ؟

يتكاثف الاعتماد على التكنولوجيا لا على الذاكرة الطبيعية في كل الأمور تقريبا، و بالطبع للتكنولوجيا الدور الفعال في ترتيب و تنظيم الحياة اليومية و الأعمال و الممارسات من عمل و رياضة و تناول للطعام و غيرها.
نحن نعتمد على هواتفنا الذكية في أغلب الأمور و التي من بينها التذكيرات بالمواعيد و التقويم و إشعارات المهام و التنبيهات و المناسبات الاجتماعية و الدينية، و ذلك بعد أن كان بني البشر يعتمدون على ذاكرتهم الطبيعية في التعامل مع هذه الأمور.
هل يؤثر اعتمادنا على التكنولوجيا في الإشعارات على الذاكرة ؟
الأمر الذي أثبتته الدراسات أن الاتكال مطلقا و بشكل كامل على المساعدات التكنولوجية في تخزين المعلومات لاسترجاعها مستقبلا يسبب تراجعا في وظائف التذكر التي ولد بها الإنسان، خاصة الجزء من الذاكرة المستخدمة و المعروفة بذاكرة الأمد القصير.
يوضح ذلك أن الاعتماد على التكنولوجيا المفيدة و استخدامها لصالح تحسين جودة الحياة لا ينبغي أن يكون بالإفراط التي يتسبب في تدهور قدراتنا الطبيعية على أداء المهام، و خاصة القدرات الطبيعية في الحفظ و الاسترجاع.
عند اعتمادنا بشكل كلي في إدارة المهام على التكنولوجيا فإننا نلغي الذاكرة المستخدمة في أدمغتنا و نفوض الوسائل التكنولوجيا بالقيام بمهام الذاكرة.
ما هو النسيان الرقمي و كيف يحدث ؟
النسيان الرقمي حالة ينحو فيها الشخص ناحية طرد المعلومات من الدماغ لإداركة سهولة الوصول إليها وقتما أراد من خلال الإنترنت أو وسائل الاسترجاع المختلفة.
لا يميل الناس في عصرنا هذا لحفظ المواد العلمية حتى أو المواعيد المهمة، إنما يودعونها الأجهزة و يحتفظون بالعناوين، حتى صار ال “باركود” و سيلة نشر للمعلومات عندما يود الشخص الاختصار و سهولة الوصول إلى المعلومات المخزنة.
كيف يحدث النسيان الرقمي ؟
اعتمادنا على الهواتف الذكية في حفظ التنبيهات اليومية مثل مواعيد الصلاة و مواعيد المناسبات و الاجتماعات يرسل للدماغ رسالة بالتوقف عن حفظ هذه المعلومات باعتبارها صارت محفوظة وبنظام دقيق و مأمون، فتضعف مع الوقت الروابط المهمة و استشعار أهمية الحفظ لدى الشخص.
تمرين الدماغ و فوائده
يشبه المختصون الدماغ بالعضلة التي تحتاج دائما إلى التمرين و بشكل منتظم عن طريق تكليفها بحفظ الأشياء و استرجاعها في الوقت المناسب الذي نحتاجها فيه.
و يتعرض الدماغ للحرمان من التمرين الحيوي و المهم عندما نعطل استخدام الذاكرة في حفظ المعلومات و استرجاعها، فتتأثر القدرات المعرفية لدى الإنسان، كما تسبب المهام المتعددة و الكثيفة تشويشا على الحفظ في الذاكرة و تشويشا خاصة إن كانت هذه المهام متشابهة و كثيرة.


كيف نتفادى الأثر السلبي للتكنولوجيا على الذاكرة ؟
لتجنب أضرار التكنولوجيا على الذاكرة يجب أولا أن يقتصر استخدامنا لها على أمور معينة و ترك بقية المهام للذاكرة الطبيعية، و ذلك يعني الاستخدام المعتدل لوسائل الحفظ و الاستدعاء و عدم الإفراط في استخدامها.
يجب ترك العديد من المهام للعقل ليقوم بتنفيذها بطريقة طبيعية تسهم في استمرار و استقرار وظائفه، من خلال استعمال الوسائل الحديثة كأدوات مساعدة و ليست أساسية.
على الشخص كتابة بعض الموضوعات بيده دون الاعتماد على الهاتف، و الحري بنا أن نعمل على استدامة الذاكرة الطبيعية بتكليفها بمهام الحفظ و جدول المواعيد و المناسبات المعلومات الأخرى.
نصائح لتحسين الذاكرة
للحصول على ذاكرة نشطة لا يعتريها أذى الخمول و الكسل من الممكن أن نمارس تكنيك الاسترجاع النشط و الذي يعني محاولة تذكر المعلومات دون الرجوع إلى مصادر الحفظ، مثل محاولة تذكر مواعيد اليوم قبل الرجوع إلى الدفتر أو صدور تنبيهات الهاتف.
و يوصي المختصون بحصر الإشعارات على المهمة منها و التقليل من إزعاجها وضغطها على الشخص بحيث نترك الفرصة للدماغ للقيام بمهامه في ظروف طبيعية و مناسبة.
و لابد للحصول على وظائف تذكر جيدة من استخدام التدوين اليدوي الذي يفيد كثيرا في عملة الحفظ و الاسترجاع، و لا ننسى بأن هذه الوسيلة من الوسائل التي كانوا يوصوننا بها عندما كنا تلاميذا باعتبارها من أفضل طرق الحفظ و التذكر و رسوخ المعلومات في الذهن.


تمارين لتقوية الذاكرة
من أفضل التمارين لتقوية الذاكرة ربط الكلمة أو الرقم المراد حفظه بصورة ذهنية، و ذاك من الطرق المتبعة و المفيدة خاصة عند تعليم الأطفال معان و أشياء جديدة، فنحكي القصص و نقدم الصور، أو نساهم في تكوين صور ذهنية أو خيالية لدى الطفل.
و يمكن استخدام ألعاب التذكر لتقوية الذاكرة مثل إخفاء البطاقات التي تحتوي معلومات و محاولة تذكرها، أو تحويل المعلومات التي يراد حفظها إلى قصة يسهل للعقل تخزينها.
كما يعد تمرين العد التنازلي من أكثر التمارين فعالية في تقوية الذاكرة، ذلك إضافة إلى القراءة و محاولة الاسترجاع.
خاتمة
الوعي عند استخدام التكنولوجيا و تحويلها إلى أداة مفيدة حقا من الامور المهمة، حتى لا يكون لهثنا تجاه الراحة و الدقة على حساب قدراتنا الطبيعية التي منحنا إياها الله.