لماذا يصر المهاجرون غير الشرعيين على ركوب المخاطر رغم احتمال الموت في الصحراء أو الغرق في البحر؟
المهاجرون غير الشرعيين، مخاطر كبيرة و فرص نجاة ضئيلة !
بحسب منظمة الهجرة الدولية فإن العام 2024 كان أكثر الأعوام التي فقد فيها المهاجرون غير الشرعيين حياتهم.
مات نحو 8938 شخص و هم يتحدون مخاطر الهجرة، في وقت تنادي فيه المنظمة بتفعيل الحلول الممكنة لتجنب مثل هذه الخسائر البشرية المتفاقمة على مدى سنوات.
في البحر الأبيض المتوسط توفي في العام المذكور 2452 شخصا، بينما توفي نحو 1233 مهاجرا في 2024 أمريكا الشمالية و أمريكا الجنوبية.
بالرغم من الأخبار التي لا تنقطع عن بثها و نشرها وسائل الإعلام المختلفة عن موت الأشخاص في الصحاري و البحار لا يزال المهاجرون غير الشرعيين خاصة من أفريقيا و بعض الدول العربية يصرون على ارتياد طريق الموت.
أنشأت الدول الأفريقية شمال الصحراء أجهزة مختصة بمحاربة الهجرة غير الشرعية، كما هو الحال في ليبيا، حيث ترسل هذه الأجهزة دوريات لإنقاذ المهاجرين في البحار و الصحراء و من ثم إعادتهم إلى بلدانهم.
رغم ذلك يتم الإعلان بشكل متكرر عن العثور على جثث تعود إلى مهاجرين في الصحراء أو انتشال جثث الغرقى من البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الليبية.
وسط الأنباء المتكاثرة و الكثيفة عن حوادث موت المهاجرين ينشأ السؤال عن لماذا يركب الآلاف هذه المغامرة الخطرة.

المهاجرون غير الشرعيين ما الذي يدفعهم ؟
المخاطرة بالحياة التي هي أغلى ما يملكه الإنسان مقابل فرصة غير مضمونة في أوروبا يكون في أغلب الأحوال مدفوعا بالآتي:
- الوضع الاقتصادي الخانق في بلدان المهاجرين.
القاسم المشترك بين الكثير من المهاجرين هو البطالة و انعدام الفرص، خاصة في الدول التي تعاني من الأزمات طويلة الأمد، أو تلك التي تعاني الحروب و النزاعات.
هؤلاء الناس يهون في تقديرهم الموت في طريق الهجرة قياسا بالاستسلام للعيش في ظروف لا أمل فيها و يرجى تحسنها، خاصة في دول يشكل الفشل الاقتصادي و السياسية حالة مزمنة يئس الناس شفائها.
بعض الناس على قناعة بأن أوروبا توفر حدا أدنى من الكرامة الإنسانية، مهما صعبت البدايات عند وصول المهاجر إلى أرض الأحلام و الفرص.
- الضغوط الاجتماعية و النفسية:
يتعرض الشباب في الدول التي يعاني مواطنوها الفقر و البطالة لضغط هائل سببه أن الشاب من واجبه إعالة أسرته و التكفل بما يليها من توفير للمسكن و الطعام و التعليم الجيد.
كما أن عدم تمكن الشاب من الهجرة قد يكون عارا في بعض المجتمعات التي تعتبر الهجرة مقياسا للنجاح، خاصة في وجود أمثلة لأشخاص حققوا هذا الحلم في المجتمع الصغير.
هذه الضغوط يسلك المهاجرون غير الشرعيين تحت تأثيرها طرقا شديدة الخطورة للوصول إلى مبتغاهم يدفعهم إصرار غريب.
- التضليل الإعلامي:
تعمد شبكات الاتجار بالبشر لرسم صورة جاذبة عن الهجرة، ليرى الشاب أحلامه ممكنة التحقيق في وقت وجيز.
تشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصا وصلوا بالفعل أوروبا عبر هذه الطرق الغير مشروعة، و تلك الرسائل الخفية تغري المزيد من الشباب، إلا أن قصة نجاح واحدة توازيها عشرات القصص التي تمثل كل واحدة منها مأساة قائمة بذاتها.
يموت المهاجر بصمت و لا يعلم قصته أحد، و كذا يتحدث الناجي عن قصته.
- ضعف التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية.
بعض الدول لا تنفذ فيها حملات إعلامية كافية تلفت الشباب إلى مخاطر تحولهم إلى مهاجرين غير شرعيين.
كما أن فقدان الأمل في الأنظمة السياسية يقود إلى يأس يدفع الشباب إلى الهجرة غير الشرعية.
- قصص النجاح المحفزة على الهجرة غير الشرعية.
في القرى أو المدن نسمع قصصا لشباب نجحوا في الوصول إلى أوروبا و حققوا مبتغاهم، و تغيرت أوضاعهم الاقتصادية و ازدهرت أحوال أسرهم.
مثل هذه القصص تدفع الكثيرين إلى المغامرة رغم علمهم بمخاطر الطريق.
- العامل النفسي.
المهاجرون غير الشرعيين على قناعة بأنهم لن يكونوا من الضحايا، و هو ما يعرف بوهم الحصانة الشخصية.

خاتمة
يموت الناس في قوارب الموت أو قوافل العطشى و التائهين في الصحراء و لكل جثة قصة عنوانها البحث عن الكرامة أو الفرصة، و مع استمرار غياب الحلول لدواعي و أسباب الهجرة غير الشرعية سيستمر المهاجرون غير الشرعيين في ركوب المخاطر رغم علمهم بالمخاطر التي قد تكلف المرء حياته.