جان كلود روماند محتال فرنسي خدع الجميع خلال 18 عاما ثم قتلهم
في خضم أحداث تسعينات القرن الماضي المشتعلة انشغل الفرنسيون بقضية الطبيب جان كلود روماند.
لقد كانت تلك القضية من أغرب القضايا التي أهمت الشعب الفرنسي بالرغم من أن ذلك المجتمع كان أبا لغرائب عديدة شغلت العالم.
بدأت الحكاية عندما كان الطالب جان كلود روماند على مقربة من نهاية عامه الثاني في كلية الطب، إلا أنه فشل في حضور الامتحان المؤهل لبلوغ العام الثالث في الكلية.
كانت عائلة جون كلود روماند تبني آمالا عريضة على مستقبل ابنها، كما انها ائلة كانت قد اتصفت بحساسيتها تجاه الفشل.
لهذه الأسباب قرر جان كلود تجنب مواجهة عائلته بحقيقة عدم تمكنه من الجلوس للامتحان المؤهل لدراسة السنة الثالثة في كلية الطب، و هكذا بدأ جان في نسج مسلسل طويل من الأكاذيب التي تجنبه مواقف المواجهة مع العائلة الطموحة.
رسم جان حول نفسه هالة جعلت العائلة تعتقد فعلا أنه قد تخرج في كلية الطب، و هو يمارس المهنة بتفوق و انشغال تام.
بل و قد أسهم تفوقه و نبوغه في مجال الطب في توظيفه كباحث في المقر الرسمي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف التي لا تبعد كثيرا عن مقر سكنه الكائن في فرنسا على الحدود مع سويسرا.
إلا أن الحقيقة كانت أبعد عن ذلك بكثير، حيث كان جان كلود قد تم طرده من الكلية لتغيبه المستمر عن الامتحانات بالرغم عن حرصه على حضور المحاضرات الدراسية.
ثمانية عشر عاما مضت و الطبيب المزيف يبرع في اختلاق الأكاذيب ، و إيهام العائلة و من حوله بخلاف الحقيقة الصادمة، حيث استطاع أن يتزوج و ينجب طفلين ، كما أن المجتمع المحيط به كان يرى في حياته نموذجا للحياة الناجحة المليئة بالإنجازات الكبيرة.
كيف كان جان كلود روماند يقضي يومه ؟
كان جان يخرج في الصباح الباكر إلى مركز البحوث المزعوم ليعود في المساء، إلا أن الحقيقة أنه كان ينفق الساعات متسكعا في الطرقات أو قريبا من بيته حيث المكتبة العامة و التي كان يقرأ فيها المعلومات الغزيرة عن الطب.
لقد تميز جان كلود بمعلومات وافرة عن الطب، تمنع الشك من التسلل إلى نفوس محدثيه، و تقدم شخصية كلود للآخرين، على أنه طبيب متفوق في مهنته، و ذو مكانة مرموقة.
كانت أكاذيب جان كلود تتطلب ما يوافقها من مستوى اجتماعي و مظهر دال على مكانته التي ادعاها، و لهذا فقد كان في حاجة دائمة للكثير من المال، حتى يتمكن من الظهور الاجتماعي المناسب، و الداعم لصورته كطبيب و موظف بمنظمة الصحة العالمية.
احتال كلود على والديه و أصدقائه مدعيا بأنه يقوم بإيداع أموالهم لدى البنوك السويسرية حيث مقر عمله، موهما إياهم بالحصول على فوائد ضخمة بدلا عن الإيداع في البنوك الفرنسية حيث يضطرون إلى دفع الضرائب.
عاش جان كلود 18 عاما برع خلالها في نسج الأكاذيب و الوقائع المختلقة، إلى أن بدأت الحقيقة تتكشف.
بدأ أصحاب المال يلحون في طلب الفوائد التي كان قد وعدهم بها جان من البنوك السويسرية، و بدأ جان في المماطلة، حتى أنهم شكوا في الأمر ، كما أن زوجته كانت قد راودتها الشكوك حياله.
كان الأمر كابوسا مريعا يهدد كل الذي صاغه و بناه من عالم خيالي، و كانت تلك الشكوك تنذر بقرب افتضاح أمره الذي حرص على بقائه السنوات الطوال.
عندما بدأت مملكة جان الوهمية في الانهيار لجأ إلى قتل من حوله، كل الذين لن يحتملوا الحقيقة القاسية.
هشم جان رأس زوجته صباحا قبل استيقاظها من النوم، و قضى النهار يلاعب طفليه قبل أن يقتلهما، و في اليوم التالي ذهب إلى منزل والديه و قام بقتلهما!.
انهارت مملكة الأكاذيب التي بناها الطبيب المزيف جان كلود روماند، و كان ختامها المجزرة البشعة التي سالت فيها دماء أقرب الناس إليه، والديه و زوجته و طفليه.