مأساة السودان ليست نهاية كل شيء

كتبت: رشا المرضي.
حتى منتصف عام 2023 كان السودان يلقب بسلة غذاء العالم، فقد أكرم الله أرضه أنهارا وتربة خصبة تكفي لإطعام أمم، ومواسم زراعية ومعادن نفيسة ونادرة
لكن منذ قرابة سنتين ونصف بدأت مأساة السودان، وأصبح على غير ما كان.
جفت حقوله
لانقول كل الارض ولكن اختص غرب السودان دارفور التي ارتوت أرضها بدماء الأبرياء..
الحرب أم المشهد في مأساة السودان، لم تكتف بالقتل والدمار بل سلبت الأرض روحها وروتها بالدم.
بعض المدن التي كانت تعج بالحركة أصبح الصمت سيد الموقف فيها، و القرى التي كانت تسقي الماء للقريب والغريب أصبحت تسقي الآن بدماء أبنائها.
المزارع الذي كان يزرع ويرعى الأرض للحصاد، صار لاجئا يحمل ذكرياته طي نفس حزينة وأمنياته في قلب مثقل بالخذلان.
الجوع اليوم في السودان ليس مجرد نقص في الغذاء بل هو نتيجة انكسار إنساني عميق،
الجوع حين يصيب الوطن الذي كان رمزا للعطاء أصبح يشبع فقط المعدة التي تعيش على علف الحيوانات وجلود الأبقار إذا وجدت و يقتل الكرامة والأنسانية.
في المخيمات أمهات يقدمن أطفالهن للطوابير قبل الفجر للبحث عن الطعام
وشباب ينامون على الأمل بأن الغد لن يكون نسخة أخرى من الأمس،
والعالم الذي طالما استفاد من خيرات السودان يقف الآن متفرجا على نزيفه و يسمع صوته المبحوح ولا يمد يد العون والدفاع عنه بل يساعد على غرس الخنجر أكثر فأكثر في قلب السودان.
مأساة السودان خنقته ليس من العجز بل من كثرة النداء وتخاذل العالم وهو يتفرج، كل صرخة في دارفور وكل مشهد مفجع هي حروف في قصيدة وجع اسمها السودان.
ما زال في قلب هذا البلد نبض لا يهزم في كل أم تطعم طفلها من القليل و في كل شاب يزرع رغم الخطر وفي كل يد ممدودة للخير يولد أمل جديد
فالسودان وإن صار اليوم بطنا خاوية وصوتا مبحوحا سيعود يوما سلة للحياة والأمل لأن جذوره عميقة وتتغذى على الصبر.
السودان ما زالت السماء فوقه تمطر كرما وأملا.