انفجار المكوك تشالنجر ذكرى تتجدد كل عام

“تم العثور اليوم على مقصورة القيادة غارقة في قاع المحيط ،بعد عمليات البحث المكفة التي تجريها السلطات”، كان هذا هو الخبر الذي خرجت به الصحف الأمريكية في التاسع و العشرين من يناير من عام 1986.
أرفقت الصحف الخبر بقائمة أسماء رواد الفضاء الذين قضوا في انفجار المكوك تشالنجر، الحادثة الأشهر على مدى سنوات عمر وكالة ناسا لأبحاث الفضاء.


حملت القائمة أسماء فرانسيس سكوبي، رونالد ماكنير، مايكل سميث، اوليسون أونيزوكا، جوديث تيسينك، جريجوري جارفيس، و كريستا ماك أوليف.
كان حادثا مأساويا بمعنى الكلمة.
في الثامن و اعشرين من يناير من عام 1986 احتشد الامريكيون أمام وسائل الإعلام، لمتابعة إطلاق وكالة ناسا للمكوك تشالنجر، في رحلة إلى الفضاء.
تشالنجر كان مكوك فضاء أمريكي عمل ما بين عامي 1983 و 1986 في عشر بعثات فضائية، و هو المكوك الثاني الذي عمل لوكالة ناسا بعد مكوك كولمبيا.
تم تصنيع تشالنجر من مادة جديدة رأى الخبراء أنها الأفضل، و الأقل تكلفة لبناء المكوك، إلا أن العديد من الخبراء رأوا أن المكوك كان أقل كفاءة في جانب الحماية الحرارية من سابقه كولمبيا الذي كان يخدم رحلات وكالة ناسا الفضائية.
قرر المختصون في ناسا إطلاق الرحلة في يوم الثلاثاء الثامن و العشرين من يناير عام 1986، حيث كان الهدف هو الاتصال بالقمر الصناعي و جمع معلومات وافرة عن مذنب هالي أثناء مروره بأقرب موضع من الشمس.
تلك السانحة لا تتكرر إلا بعد 76 عاما يمضيها المذنب في دورته حول الشمس.
تم إطلاق المكوك في الزمن المحدد، و ما إن مرت 73 ثانية على إطلاقه حتى انفجر على ارتفاع 13 كيلو متر، متحولا إلى كتل من المعدن و النار، و سقطت أجزاؤه في مياه المحيط.
احترق المكوك فوق المحيط الأطلسي قبالة ولاية فلوريدا.
المشاهدون المحتشدون لمتابعة الحدث، و أولئك الذين تابعوه على وسائل الإعلام كانوا يشاهدون بحزن عميق ما جرى، حيث بدأ تحطم المكوك بعد تفكك الدوائر المطاطية الرابطة له، و تأثيرها على خزان الوقود الجانبي.
بالرغم من أن المكوك تشالنجر كان قد زوده صانعوه بنظام للهروب و الفكاك في لحظات الخطر إلا أن قوة الحادث جعلت الموت أمرا حتميا لكل الرواد السبعة الذين كانوا على متنه.
لقد كانت حادثة انفجار المكوك تشالنجر حدثا هيمن على الرأي العام وقتها، و أفرز عددا من الأحداث اللاحقة، و كان من أبرز تلك الأحداث القرار الذي اتخذته وكالة ناسا و أعلنت بموجبه وقف الرحلات الفضائية و هو قرار سرى لمدة 32 شهرا.


انفجار المكوك تشالنجر كان من أكبر أحداث ريادة الفضاء
و فيما كانت وسائل الإعلام الأمريكية تتناول هول الكارثة كلف الرئيس الأمريكي رونالد ريغان لجنة من المختصين للتحقيق في أسباب تحطم المكوك.
أما أبرز نتائج كارثة تشالنجر فقد تمثل في إلغاء خطط كانت جاهزة تعتمد من خلالها القوات الجوية الأمريكية على المكوك، و كان ذلك سببا في إطلاق قمر صناعي للأغراض العسكرية.
حظي تحكم مكوك الفضاء تشالنجر بتغطية إعلامية غير مسبوقة، و ذلك بسبب الهالة الدعائية التي سبقت و لازمت إطلاقه، بجانب حجم الكارثة التي هزت صورة الولايات المتحدة في خضم الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.
اهتمت الصحافة الأمريكية و العالمية بالحدث أيما اهتمام، و تصدر الصفحات الأولى للصحف و أغلفة المجلات و طالع الناس صور الكارثة في بقاع العالم المختلفة.
و بمثل ما حظيت الكارثة باهتمام الرأي العام حظيت نتائج لجنة التحقيق باهتمام مطلق، فقد جاء ضمن النتائج أن الشركة المصممة للمكوك وقعت في أخطاء تصميمية فادحة، حيث قامت بربط أجزائه بحلقات مطاطية أدى تفككها إلى تفكك أجزاء المكوك.
لم يبرئ تقرير لجنة التحقيق ساحة وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، حيث أفاد بأن الوكالة قد عمدت إلى استخدام مواد جديدة أقل تكلفة عند إنشاء المكوك، هذا يضاف إلى العجلة التي تمت بها عملية صيانة المكوك، و هي أمور أدت في النهاية مجتمعة إلى تحطمه.
في كل عام و عند حلول تاريخ الثامن و العشرين من يناير يتذكر الأمريكيون الحادثة الأشهر في تاريخ ريادة الفضاء، و يشعل أقارب الضحايا الشموع إحياءا لذكراهم.